نجس ينجّس ، وأمثال ذلك غير عزيز في كلماتهم وكلمات شيخنا المرتضى قدسسره (١) ثمّ إنّه قدسسره تأمّل في ذلك لقصور دليل الحجّية عن الشمول للمورد المذكور ، وجعله من قبيل أصالة الحقيقة في مورد العلم بالمراد مع الشكّ في كونه على نحو الحقيقة أو المجاز ، ثمّ إنّه في الهامش بحاشية منه فرّق بينهما بأنّ مثال الحقيقة لا شكّ في المراد الجدّي منه لكونه معلوما بخلاف المقام ، انتهى.
وكان الأنسب أن يقول : ومن ذلك استدلالهم على طهارة الغسالة بأنّها تطهّر المحل ، فإن كانت نجسة مطهّرة لزم تخصيص قضية كلّ نجس لا يطهّر. لكنّه قدسسره لعلّه نظر في ذلك إلى ما يقال من أنّه لو كانت الغسالة نجسة لنجّست ما اتّصل بالمحل النجس من اليد ، وهكذا ما اتّصل عند تطهيره إلى تمام البدن.
وكيف كان ، فقد ظهر لك الكلام في هذه المسألة من مسألة ماء الاستنجاء (٢) ، ويكون ما دلّ على التطهير بالماء القليل في قبال ثلاث قواعد : الأولى أنّ القليل يتنجّس بالملاقاة. والثانية أنّ المتنجّس لا يطهّر. الثالثة أنّ المتنجّس منجّس. والأخيران ساقطان للعلم بالخروج عنهما إمّا موضوعا أو حكما فقط ، وتبقى قاعدة الماء القليل يتنجّس بالملاقاة بلا معارض ، فيكون محكوما بالنجاسة.
واعلم أنّ هذه العبارة هي بعينها عبارة الشيخ قدسسره في التقريرات ، فإنّه بعد أن ذكر المثال وأنّ أصالة عدم التخصيص تقول إنّه ليس بعالم ، ثمّ ذكر مثال العلم الإجمالي في زيد الخارج بين كونه هو زيدا العالم أو هو زيدا الآخر الجاهل ، وأنّ أصالة عدم التخصيص هي المرجع فيه ويحكم بأنّه هو الجاهل ، قال : فنقول إنّ
__________________
(١) درر الفوائد ١ ـ ٢ : ٢٢٢.
(٢) التي سيتعرّض لها في الصفحة ١٣٢.