الطبيعة في مقام البيان ، وأنّها لم تقيّد بمثل العادل ، ولا بمثل غير فرد معيّن من أفرادها ، وحينئذ يكون المحكوم عليه كلّ واحد من أفرادها ، ولا يكون استفادة التسوية إلاّ من نفس إطلاق المدخول في مقام البيان ، فأي فائدة حينئذ لادخال لفظة « كلّ » على ذلك المدخول ، بل بناء على ذلك يكون احتمال تقييد العالم بأنّه غير زيد موجودا حتّى مع وجود كل ، وهذا الاحتمال لا يرفعه إلاّ اطلاق المدخول ، وحينئذ يكون القول بأنّ المدخول لا يحتاج إلى إجراء مقدمات الحكمة ، وأنّ نفس دخول « كلّ » يفيد شموله لجميع أفراده بعد فرض أنّه لم يقيّده قويّا جدّا.
وليس المراد من قولنا لم يقيّده هو التمسّك بالاطلاق الموقوف على مقدّمات الحكمة ، بل المراد منه مجرّد عدم ذكر القيد وإن لم يكن في مقام البيان ، فيكون ذلك نظير قولنا إنّ القائل ( رأيت أسدا ) إذا لم ينصب قرينة على خلاف المعنى الحقيقي كان هو المراد ، وفيه تأمّل ، إذ لا يكون ذلك خارجا عن عدم البيان في مقدّمات الحكمة ، هذا.
ولكن هذا الوجه لا يمكن الالتزام به في قبال احتمال التقييد الأنواعي ، لأنّ مجرّد إرادة كلّ فرد من المدخول في مثل قولنا : ( كلّ عالم ) لا تعيّن لنا أنّ المدخول هو طبيعة العالم غير مقيّد بالعدالة إلاّ بعد إجراء مقدّمات الحكمة في المدخول نفسه ، إذ ليس مفاد « كلّ » إلاّ كلّ فرد من أفراد ما يراد بالمدخول ، ومع الشكّ في أنّ المراد بالعالم هو خصوص العالم العادل ، أو هو مطلق العالم سواء كان عادلا أو غير عادل ، كيف يمكننا سحب هذا الحكم إلى كلّ فرد من أفراد العالم حتّى غير العادل منهم ، بعد فرض أنّه لا تعرض للفظ « كلّ » لبيان الأنواع ، وإنّما شأنها الشمول لكلّ واحد من الأفراد الداخلة تحت ما أراده المتكلّم من لفظ