المدخول.
ومن أقوى الشواهد على ذلك هو أنّه لو قيّد هذا العموم بقيد العدالة ، فقيل أكرم كلّ عالم عادل ، يكون العادل مربوطا بنفس المدخول ، ويكون هادما لظهوره المنعقد لو لا هذا القيد ، أعني بذلك ظهوره في إطلاق طبيعة العالم ، وأنّه لا فرق فيه بين العادل وغيره. ولا يدفعه ما في الحاشية بقوله : فهو يندفع بأنّ أداة العموم إنّما تدلّ بالوضع على سعة مدخولها ولحاظه على نحو اللاّبشرط القسمي الخ (١). وكيف تكون الأداة دافعة لما لو كان موجودا لكان متصرّفا في نفس المدخول ، من دون أن يكون متصرّفا في مفاد الأداة من الشمول ، وإن كان لازم تقييد المدخول هو ضيق دائرة ذلك الشمول. اللهمّ إلاّ إنّ يقال إنّ مفاد الأداة يغني عن مفاد الاطلاق في المدخول الذي هو التسوية بين الأنواع ، لا أنّه يكون نافيا له ابتداء كي يقال إنّه لو توجّه القيد فلا يكون توجّهه إلاّ إلى المدخول ، لا إلى نفس مفاد أداة الشمول ، فتأمّل.
وحاصل الإشكال : أوّلا أنّ هذا إنّما يتمّ لو كان دلالة المطلق على التسوية بين نوعيه وضعية ، لا تحتاج إلاّ إلى أصالة عدم التقييد من باب أصالة عدم القرينة ، أمّا على ما هو التحقيق من الاحتياج إلى مقدّمات الحكمة ، فلا تكون إضافة « كل » إلى طبيعة العالم مفيدة للشمول إلى الجميع حتّى الفسّاق إلاّ مع إجراء مقدّمات الحكمة في ناحية المدخول ، وإلاّ كان العالم من هذه الناحية مجملا مردّدا بين خصوص العادل أو هو مطلق العالم وإن لم يكن عادلا ، وحينئذ لا تكون إضافة « كلّ » إلى هذا المجمل مفيدة للشمول للفرد الفاسق.
وثانيا : أنّ إضافة « كلّ » إنّما تفيد طرد الاحتمال الذي يكون مربوطا بها
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ ( الهامش ) : ٢٩٢.