على الشمول الاطلاقي في خصوص التخصيص الأفرادي دون الأنواعي ، فلو كان التعارض بينهما في نوع من الأنواع لم يكن وجه لتقديم الأوّل على الثاني.
وعلى كلّ حال ، أنّ هذا المطلب وهذا الإشكال في نهاية الصعوبة ، وقد تعرّضنا له في مقامات متعدّدة ، منها في هذا المقام ، ومنها في باب التعادل والتراجيح (١) ومنها في باب الأوامر في مسألة الدوران في القيد بين رجوعه إلى مفاد الهيئة أو رجوعه إلى مفاد المادّة (٢). وفي أغلب هذه المواقع أنكرنا تقدّم العموم الأصولي على الاطلاق الشمولي ، لكن ذلك من جهة الاعتراف باحتياج العام الأصولي إلى إجراء مقدّمات الحكمة في ناحية المدخول.
وهذه الجهة التي أفادها شيخنا قدسسره هنا من أنّ اطلاق المدخول وإجراء مقدّمات الحكمة فيه لا يثبت إلاّ كون المحكوم عليه هو صرف الطبيعة ، وأنّ الحكم بالتسوية بين أفرادها راجع للحكومة العقلية بالتسوية المذكورة ، قابلة للمناقشة باعتبار أنّ التسوية عبارة أخرى عن عدم بيان الخصوصية الموجبة لاخراج زيد من دون الأفراد ، وذلك موقوف على سكوته عن إخراجه مع كونه في مقام البيان. مضافا إلى أنّها إنّما تنفع في التخصيص الأنواعي ، لأنّه مع الحكم باطلاق طبيعة العالم بالنسبة إلى العادل والفاسق يبقى احتمال اختلاف الأفراد ، فيحكم العقل بالتسوية بينهما ، ويكون ذلك هو فائدة إدخال لفظة « كلّ » على طبيعة العالم.
أمّا التخصيص الأفرادي فبعد الالتزام بكونه راجعا إلى المدخول أيضا وأنّه يقيّده ولو بمثل غير زيد ففيه تأمّل ، لأنّ هذه التسوية تكون ناشئة عن إطلاق
__________________
(١) راجع حاشيته قدسسره على فوائد الأصول ٤ : ٧٣٠ في المجلّد الثاني عشر.
(٢) لم نجده في هذا الكتاب ، ولعلّه قدسسره يشير إلى ما بحثه في بعض مؤلّفاته المخطوطة.