إِذَا (١) قَعَدَ (٢) مَوْضِعَ الْأَخْيَارِ (٣) ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِنَّ.
وَكَانَ رَجُلٌ ـ يُقَالُ لَهُ : مُخَارِقٌ (٤) ـ صَاحِبَ (٥) صَوْتٍ وعُودٍ وضَرْبٍ ، طَوِيلَ اللِّحْيَةِ ، فَدَعَاهُ الْمَأْمُونُ ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، إِنْ كَانَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا فَأَنَا أَكْفِيكَ أَمْرَهُ ، فَقَعَدَ بَيْنَ يَدَيْ أَبِي جَعْفَرٍ عليهالسلام ، فَشَهِقَ (٦) مُخَارِقٌ (٧) شَهْقَةً اجْتَمَعَ (٨) عَلَيْهِ (٩) أَهْلُ الدَّارِ ، وَجَعَلَ يَضْرِبُ بِعُودِهِ ويُغَنِّي.
فَلَمَّا (١٠) فَعَلَ سَاعَةً وإِذَا (١١) أَبُو جَعْفَرٍ عليهالسلام لَايَلْتَفِتُ إِلَيْهِ لَا (١٢) يَمِيناً ولَاشِمَالاً ، ثُمَّ رَفَعَ (١٣) إِلَيْهِ رَأْسَهُ ، وقَالَ (١٤) : « اتَّقِ اللهَ يَا ذَا الْعُثْنُونِ (١٥) ».
__________________
(١) في « بس » : « إذ ».
(٢) هكذا في « ب ، ج ، ض ، ف ، بح ، بر ، بس ، بف » والوافي. وفي المطبوع : + « في ».
(٣) في « ج ، ض ، بس » وحاشية « ب ، ف ، بر ، بف » وشرح المازندراني. والوافي ومرآة العقول : « الأجناد ». قال في المرآة : « وفي بعض النسخ : « موضع الأخيار » ... وأقول : وكلاهما تصحيف ، والظاهر : « الأختان » جمع الختن ، كما في بعض نسخ ابن شهرآشوب ».
(٤) في « ف » : « نحارق ». وفي « بح » : « محاذق ».
(٥) الظاهر أنّ « صاحب » و « طويل » خبر كان ، لا صفة رجل ، وإلاّ يلزم تقدير خبرٍ لكان ، أو القول بكونها تامّة.
(٦) « فشهق » ، من الشهيق ، وهو الأنين الشديد المرتفع جدّاً. أو منه بمعنى ردّ النَفَس ، ضدّ الزفير وهو إخراجالنَفَس. يقال : شَهَق الرجل يَشْهَق ويَشْهِق شهيقاً ، أي ردّد نَفَسه مع سماع صوته من حلقه. راجع : لسان العرب ، ج ١٠ ، ص ١٩١ ؛ المصباح المنير ، ص ٣٢٦ ( شهق ).
(٧) في « ف » : « نحارق ». وفي « بح » : « محاذق ».
(٨) في « ف » : « فاجتمع ». وفي « بح » : « أجمع ».
(٩) في « بس » : ـ « عليه ».
(١٠) في مرآة العقول : « كأنّ جواب « لمّا » مقدّر يفسّره الجملة التالية. ويمكن أن يقرأ : « ثمّ » بالفتح فـ « رفع » جوابلمّا ».
(١١) في « ف » : « فإذا ».
(١٢) في « ب ، ض ، بح ، بر ، بس » والوافي : « ولا ». وفي « ف » : ـ « لا ».
(١٣) في مرآة العقول : « فرفع ».
(١٤) في « ض ، بس » : « فقال ».
(١٥) « العُثنون » : اللحية كلّها ، أو ما فضل منها بعد العارضين من باطنهما ، أو ما نبت على الذَّقَن وتحته سِفْلاً ، أو هو طولها وما تحتها من شعرها. وقيل : عُثنون اللحية طرفها. راجع : لسان العرب ، ج ١٣ ، ص ٢٧٦ ؛ القاموس المحيط ، ج ٢ ، ص ١٥٩٥ ( عثن ).