وروى الطبري في تأريخه ((١)) أن أمير المؤمنين علیه السلام لما أشار عليه المغيرة بإقرار معاوية قال: «والله لا أُداهنُ في ديني» ((٢))
وأنّه علیه السلام أجاب ابن عبّاس بعد ما أشار عليه بإقرار معاوية وأصحابه
قال :
«أما ما ذكرت من إقرارهم ، فوالله ، ما أشك أنّ ذلك خيرٌ في عاجل الدنيا لإصلاحها ، وأما الذي يلزمني من الحق والمعرفة بعمال عثمان ، فوالله لا أُولي منهم أحداً أبداً» ((٣)).
وأما ما ذكره من أنّه لا نزاع لهم في أنّ من خرج على علي علیه السلام كانوا بغاةً على الباطل ، وأنّه ينبغي أن يحفظ اللسان عنهم ؛ لأنه يورث الشحناء ، فطريف ؛ لأنّهم إذا لم ينازعوا في أنهم على الباطل ، فما بال ذكرهم بباطلهم ومثالبهم يورث شحناء السنّة وبغضهم لنا ، بل كان يلزمهم إعانتنا على ثلب
المبطلين ؟!
أترى من سنة رسول الله صلی الله علیه و اله وسلم أن يبغض المسلم المسلم لذكره أهل الباطل بباطلهم ومعائبهم ؟!
وقوله : « لا فائدة بذكره ، أطرف من سابقه ؛ إذ أيّةً فائدة أعظم من إظهار حال المبطل ؛ لئلا يغتر به الجاهل، ويدخل الناس في ضلالته، ويعظموا حقير منزلته ، ويعادوا أولياء الله لإجله ؟!
وكم من آية وسنّة لعنت أهل النفاق، وذمّت المردة الفساق.
وهل هذا إلا مثل أن يقال : لا تذكروا اليهود والنصارى بما هم فيه ؛
١- ص : ١٦٠ ج ٥ . منه قدس سرة.
٢- الطبري ٧٠٤/٢ حوادث سنة ٣٥ ه .
٣- الطبري ٧٠٣/٢ حوادث سنة ٣٥ ه .