وقال الفضل (١) :
ما ذكره في هذا الفصل أن الأحاديث دلّت على فضل الله تعالى ورحمته وترحمه على عباده ، وهذا لا يجتمع مع خلق الكفر فيهم والعقوبة عليه.
والجواب : إنّ الله تعالى كما هو رحيم على عباده المؤمنين ، قهار منتقم من عباده الكافرين ، فالرحمة واللطف لمن خلقه مؤمناً في الأزل ، والقهر والانتقام لمن خلقه كافراً في الأزل ، والذي خلق فيه الكفر جعله من أهل القهر والذي خلق فيه الإيمان جعله من أهل اللطف ، وهذه الأشياء جرت في الأزل ، ( لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ) (٢) .
ألم تسمع ما ورد في الحديث : «إنّ الله خلق الجنّة ، وخلق النار ، فخلق لهذه أهلاً ، ولهذه أهلاً وهم في أصلاب آبائهم» (٣) ؟
فما ورد من أخبار الرحمة والشفقة فهي للمؤمنين ، وليس للكافر الذي خلق للنار من هذا نصيب.
وأما خلق الكفر والعقوبة عليه ، فقد مرّ جواب هذا (٤) ، وهو أنّه تعالى ليس بظالم في هذا التصرف لأنه ملكه وله أن يتصرّف في ملكه ما يشاء ، يفعل الله ما يشاء ، ويحكم ما يريد ، ( لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ
__________________
(١) إبطال نهج الباطل المطبوع ضمن إحقاق الحق : ٧١٤ ( حجري ) .
(٢) سورة يونس ٦٤ : ١٠ .
(٣) انظر : صحيح مسلم ٥٤ / ٨ ــ ٥٥ ، مسند الحميدي ١ / ١٢٩ ح ٢٦٥.
(٤) راجع : ٣ / ٣ من هذا الكتاب.