وأقول :
إن أراد : أنه لم يتعيّن لنقصان الدين ، أو لإهمال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، حكم الله تعالى ، فهو باطل ؛ بنص الكتاب على إكماله ؛ وبضرورة الإسلام .
وإن أراد : إنّه لم يتعين لجواز الزيادة والنقصان بحكم الله تعالى ، فتعيين أبي بكر وعمر إدخال في الدين ما ليس منه .
وكيف كان ؟ فلا شك أن عمر غيّر سُنّة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بمقتضى أخبارهم ؛ لأنّه إذا فرض أنهم قاسوه بالأربعين ، فكيف جاز لعمر ضرب الثمانين ، بل بمقتضى بعض أخبارهم أن عمر غير سنة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مرتين .
روى البخاري في كتاب الحدود (١) عن السائب بن يزيد ، قال : «كنا نؤتى بالشارب على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وإمرة أبي بكر ، وصدراً من خلافة عمر ، فنقوم عليه بأيدينا ونعالنا وأرديتنا حتى إذا كان آخر إمرة عمر فجلد أربعين ، حتى إذا عتوا وفسقوا جلد ثمانين» (٢) .
نعم ، في كثير من أخبارهم أن تعيين الأربعين كان لأبي بكر ، والثمانين لعمر ، فيكون كلّ منهما مغيّراً بتغيير واحد مستقل.
ثم إذا كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يكتفي بالضرب بالأيدي ، والنعال ، وأطراف الثوب ، فما وجه تعيينهم للجلد بالعصي ؟! فهل كان دين الله سبحانه غير صالح لدفع الفساد ؟ ؟
ودعوى أن المقصود بالحدّ : التأديب ــ وهو منوط برأي الإمام ــ
__________________
(١) في باب الضرب بالجريدة والنعال . منه قدسسره .
(٢) صحيح البخاري ٨ / ٢٨٣ ح ٨ .