ومنها : ما اشتمل عليه حديث أحمد (١) عن أم سلمة ، قالت جملة حديث عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم سمعته يقول : « أيها الناس ! بينما أنا على الحوض جيء بكم ، زمراً ، فتفرقت بكم الطرق فناداني مناد بعدي فقال : إنهم قد بدلوا بعدك ، فقلت : ألا سحقاً سحقاً » (٢) .
فإن قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : « أيها الناس » ، وقوله : « جيء بكم زمراً » ، وقوله : « فتفرّقت بكم الطرق » ، لا يناسب إرادة قوم مخصوصين من اهل البادية رأوا النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أوقاتاً قليلة وارتدوا أياماً يسيرة وتابوا وأسلموا .
فلا ينبغي الإشكال بأن المراد بهذه الأحاديث ونحوها من أنكروا إمامة أمير المؤمنين ، وخالفوا نص الغدير ؛ لارتدادهم بإنكارهم الضروري في وقتهم ــ مع أنّ الإمامة أصل من أصول الدين على الأحق ــ وهؤلاء عامة الصحابة إلا النادر ، ولذا قال في حديث البخاري : « ولا أراه يخلص إلا مثل همل النعم » (٣) .
وأما معارضتها بحديث مباهاة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بأمته ، فليست بمحلها ؛ لاستفاضة تلك الأحاديث ؛ ولأنّ الشيعة من أيّام النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى اليوم ــ فضلاً عن أيّام الحجّة المنتظر عليهالسلام وما بعده ــ أكثر من مؤمني النبی صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإن من بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من باقي الأمم كفار لإنكارهم رسالته .
__________________
(١) ص : ٢٩٧ ج ٦ . منه ٦ منه قدسسره .
(٢) مسند أحمد ٦ / ٢٩٧.
(٣) صحيح البخاري ٨ / ٢١٧ ح ح ١٦٦ .