قائمة الکتاب

    إعدادات

    في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
    بسم الله الرحمن الرحيم

    دلائل الصدق لنهج الحق [ ج ٨ ]

    7/550
    *

    وأما ما ذكر من تولية عمر له على الشام فصحيح ، لكن لا تدلّ على فضيلة له ، وأن الإشكال في المولّي أعظم، وتوليته له إحدى مطاعنه ؛ لوجود كبار الصحابة السابقين الذين هم أولى منه بالولاية ، وأصلح للدين ، كما سبق مثله في تولية عثمان لأقاربه ((١)) ، بل عَزلَ عمر به من هو أولى منه بالأمارة ، فقد روى الترمذي في مناقب معاوية :

    « أنّه لمّا عزل عمر عمير بن سعد ((٢)) عن حمص ، ولى معاوية ، فقال الناس : عزل عميراً وولّى معاوية» ((٣)) الحديث .

    ولا شك أنّ هذا القول منهم إنّما هو لظهور فسق معاوية ، أو ظهور فضل عمير عليه ، فلم يحط عمر الإسلام نُضحاً .

    وقد سبقت رواية البخاري ومسلم عن النبي صلی الله علیه و اله وسلم أنه قال :

    «ما من عبد استرعاه الله رعيّةً فلم يحطها بنصيحة إلا لم يجد رائحة الجنة» ((٤))

    ولكن يا لَلْعَجبِ !! قد أضاف الراوي إلى ذلك : «أنّ عميراً قال :

    لا تذكروا معاوية إلا بخير ؛ فإنّي سمعت رسول الله صلی الله علیه و اله وسلم يقول :

    « اللهم ! اهد به » .

    ١- راجع ج٤٠٩/٧

    ٢- عمير بن سعد بن عبيد الله بن النعمان الأوسي الأنصاري ، وقيل بن سعد بن شهيد وقيل سعد بن عبيد بن قيس ، كان يقال له نسيج وحده ، كان قد شهد فتح الشام وأستعمله عمر بن الخطاب على حمص وقيل دمشق أيضاً ، سكن الشام ومات بها وقيل نزل بفلسطين ومات بهاآنظر : الاستيعاب ٣/ ١٢١٥ ت ١٩٨٣ ، أسد الغابة ٢٨٩/٣ ت ٤٠٦٩ ، سير أعلام النبلاء ١٠٣/٢ ت ١٢ .

    ٣- سنن الترمذي ٦٤٥/٥ رقم ٣٨٤٣ .

    ٤- راجع ج ٤٣١/٧

    إذ أيُّ مناسبة بين معاوية والهداية به ؟!

    فهل من الهداية به إلحاقه العَهارَ ((١)) بالنسب جهراً ((٢)) ، وإضلاله قطرالشام حتى أماتهم ميتة جاهليّةً ؛ لجهلهم بإمام زمانهم وخروجهم عليه ((٣)) ؟!

    وهل من الهداية به لبسه الحرير والديباج ، وشربه الخمر ، واستعماله أواني الذهب والفضة ((٤)) ؟ !

    إلى غير ذلك مما يتهتك به ، كما ستعرف .

    وليت عمر بعد ما ولاه على رقاب المسلمين يسمع به قول قائل ، أو لا يَمدّه في غيه بالمال، أو لا يغضي عما يعمله من سييء أفعاله .

    روى في «الاستيعاب» بترجمة معاوية: «أنّه ذُمّ يوماً عند عمر، فقال : دعونا من ذم فتى قريش»((٥)).

    وروى أيضاً : أنّه كان يجري عليه في كل شهر ألف دينار» ((٦)) .

    ١- العهار : عهر اليها يعهر عهراً وعهوراً وعهارةً وعهورة وعاهرها عهاراً : أتاها ليلاً للفجور . ثمّ غلب على الزنا مطلقاً وقيل هو الفجورأنظر : لسان العرب ٤٥١/٩ ، تاج العروس ٢٧٩/٧ مادة « عهر » .

    ٢- إشارة إلى استلحاقه زياد ابن ابيه ونسبه لأبي سفيان علانيةً

    ٣- إشارة إلى خروج معاوية ومعسكره من أهل الشام لحرب أمير المؤمنين صلی الله علیه و اله وسلم في صفين

    ٤- سنن أبي داود ٦٧/٤ رقم ٤١٣١ كتاب اللباس ، مسند أحمد ٣٤٧/٥ ، الاستيعاب ٨٣٦/٢ رقم ١٤٢٤ [دون أن يسمّي معاوية ] ، تاريخ دمشق ١٩٧/٢٦ - ١٩٨ وص ١٩٨ ٢٠٠ في ترجمة عبادة بن الصامت برقم ٣٠٧١ و ج ٣١٢/٢٧ بترجمة عبد الله بن الحارث بن أُمية بن عبد شمس برقم ٣٢٣٠ بن عبد شمس برقم ٣٢٣٠ ، و ج ٤٢٠/٣٤ ، أسد الغابة ٣٥٣/٣ رقم ٣٣٢٢ ، شرح نهج البلاغة ٥/ ١٣٠ ،الاصابة ٣٢١/٤ رقم ٣٤٠ بترجمة عبد الرحمن بن سهل بن زيد الأنصاري .

    ٥- الاستيعاب ١٤١٨/٣ .

    ٦- الاستيعاب ١٤١٦/٣ .