وأقول :
يرد عليه أمور :
الأوّل : إنّ ما زعمه من إشارة أبي بكر وعمر بالخروج والمقاتلة كذب صريح لا أثر له في أخبارهم ، ومخالف لما نطقت به رواياتهم ، من قولهما : إنها قريش ، وخيلاؤها ما آمنت منذ كفرت ، ولا ذلّت منذ عزّت ، فتأهّب لهم يا رسول الله ، وقولهما : بلغنا أنّهم كذا وكذا ، كما سبق نقله عن «الدر المنثور في آخر مآخذ أبي بكر (١) .
فإنّ ذلك دال على إشارتهما بترك الحرب ، وترهيب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم والمسلمين من قتال قريش بكثرتهم ، وعدم دخول الذلّ عليهم أصلاً ، فيلزم ترك حربهم إلى وقت التأهب .
فحينئذ يعلم أن إعراض النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عنهما ــ كما رواه مسلم في باب غزوة بدر من كتاب الجهاد (٢) ، وأحمد في مسنده (٣) ــ إنما هو لسوء قولهما ، لا لأنّه يريد الأنصار كما زعمه الفضل .
صَدَّ اللهُ ولذا سُرِّيَ عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بقول المقداد ، وسُرّ به ، ولم يعرض عنه ، وهو من المهاجرين ، كما ستعرف .
نعم ، جاء في رواية الزمخشري الآتية : أنهما قاما فأحسنا ، ولعله من حيث طلبهما التأهب لقتال قريش ؛ لضعفهم فعلا عن حربهم ، و الا فلم
__________________
(١) راجع ١٤٩ من هذا الكتاب.
(٢) صحیح مسلم ٥ / ١٧٠.
(٣) ص : ٢١٩ و ص ٢٢٠ ج ٣ . منه قدسسره .