قال المصنّف ــ طاب ثراه (١) :
وروي أنه اتصل به أنّ الناس قالوا : ما باله لم ينازع أبا بكر و عمر وعثمان ، كما نازع طلحة والزبير ؟
فخرج مرتدياً ، ثمّ نادى بالصلاة جامعة ، فلمّا اجتمع أصحابه ، قام خطيباً ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : يا معشر الناس ! بلغني أن قوماً قالوا : ما باله لم ينازع أبا بكر وعمر وعثمان ، كما نازع طلحة والزبير وعائشة ، وإن لي في سبعة أنبياء أسوة .
فأولهم نوح ، قال الله تعالى مخبراً عنه : ( أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ ) (٢) .
فإن قلتم : ما كان مغلوباً كذبتم القرآن ، وإن كان ذلك كذلك ، فعليّ أعذر.
والثاني إبراهيم خليل الرحمن ، حيث يقول : ( وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ ) (٣) .
فإن قلتم : إنه اعتزلهم من غير مكروه فقد كفرتم ، وإن قلتم : رأى مكروهاً منهم فاعتزلهم ، فالوصي أعذر.
والثالث ابن خالته لوط إذ قال لقومه : ( لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً ) (٤)
فإن قلتم إنّه لم يكن له بهم قوة فاعتزلهم ، فالوصي أعذر.
__________________
(١) نهج الحق : ٣٢٨.
(٢) سورة القمر ٥٤ : ١٠.
(٣) سورة مريم ١٩ : ٤٨.
(٤) سورة هود ١١ : ٨٠.