أحمد » ((١)) عن عبد الله بن بريدة الأسلمي ، قال :
«دخلتُ أنا وأبي على معاوية فأجلسنا على الفرش ، ثم أتينا بالطعام فأكلنا ، ثمّ أُتينا بالشراب ، فشرب معاوية .
ثم ناول أبي ، قال : ما شربته منذ حرمه رسول الله صلی الله علیه و اله و سلم.
فإن مثل بريدة لا يغضي عن معاوية لولا خوفه منه واستقرار الأمر له
مضافاً إلى ما في تتمة الحديث قال : «أي عبد الله » :
«ثمّ قال معاوية : كنتُ أجمل شباب قريش ، وأجوده ثغراً ، وما شيء كنتُ أجد له لذة كما كنتُ أجده وأنا شاب غير اللبن ، أو إنسان حسن الحديث يحدثني» .
فإن هذا الكلام ظاهر في بلوغه سن الشيخوخة ، وذهاب اللذات عنه ، سوى لذتي اللبن والحديث الحسن ، فلا يجد لذة للخمر - وقد شاخ - كما كان يجدها وهو شاب ، فيا سوأةً له ولمن يواليه .
وأعظم دليل على ظهور فسقه ونفاقه ، أنّه لمّا ولي أمير المؤمنين علیه السلام لم يرض أن يبقيه والياً زمناً يسيراً ، وقال - كما في ترجمة المغيرة من «الاستيعاب» -:
«لا والله ، لا رآنى الله مستعملاً له ولا مستعيناً به ما دام على حاله».
ثم قال علیه السلام: ( إن أقررتُ معاوية على ما في يده ، كنت متخذ المضلين عضدا»((٢))((٣)).
١- ص : ٣٤٧ ٥ . منه قدس سرة.
٢- اشارة إلى قوله تعالى : (ما أشهدتُّهم خَلقَ السموات والأرض ولا خَلقَ أنفُسِهم وما كنت مُتَّخِذَ المُضلَّينَ عَضُدا) سورة الكهف ١٨ : ٥١ .
٣- الاستيعاب ١٤٤٧/٤ رقم ٢٤٨٣