وأقول :
حاصل جوابه الذي بنى عليه أخيراً : أن ما حصل من فاطمة عليهاالسلام ليس بغضب في الحقيقة ، بل هو تغيير خاطر ، وتألم قلب ، لأن الغضب ينجر إلى المعاداة قهراً ، ولا معاداة منها لأبي بكر .
وفيه ــ مع أنا لا نعرف وجه استلزام الغضب للمعاداة ــ أن المعاداة حاصلة منها لأبي بكر ، إذ أيّ معاداة تطلب من المصونة الشريفة أكبر من مهاجرتها له ، وعدم تكلّمها معه إلى حين وفاتها ، حتّى أدعى إلى عدم حضور الشيخين جنازتها والصلاة عليها ، فكأنّه لا يعرف من المعاداة إلا أن
تشهر عليهما الحرب ، وتسير بين الرجال من منهل إلى منهل ، ومن بلد إلى آخر.
على أن تألّم القلب مستلزم للأذية إن لم يكن عينها ، فيكونون ممن آذى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بإيذائها ، ويدخلون في وعيد الآية التي ذكرها المصنف رحمهالله من سورة الأحزاب ، وقوله سبحانه في سورة التوبة : ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) (١) .
وأما قوله : « وكثيراً ما كان يغضب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على أصحابه ، ثم يرضى عنهم .
ففيه : إنّه لا يدلّ على عدم غضب الله تعالى عليهم حين غضب النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وعدم استحقاقهم بإيذائه لعنة الله وعذابه قبل رضا رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم .
__________________
(١) سورة التوبة ٩ : ٦١.