قائلاً : بأنّ الموضوع لعلم الأُصول هو الحجّة في الفقه ، والبحث عن تعيناتها وتشخّصاتها بخبر الواحد وغيره من مسائلها ، وأمّا المقام فمحط النظر في المسألة هو إثبات الملازمة أو نفيها لا الحجّية.
وبعبارة أُخرى : بعد ثبوت الملازمة لامعنى للبحث عن الحجّية ، لأنّ وجود أحد المتلازمين حجّة على الآخر ، ومع عدمها لا معنى لحجيّة وجوب شيء على وجوب شيء آخر بالضرورة. (١)
يلاحظ عليه : أنّ المحمول في عامّة المسائل الأُصولية هو البحث عن تعيّن الحجّية بموضوع المسألة ، غاية الأمر تارة يكون المحمول نفس الحجّية ، فيقال : خبر الواحد حجّة ، وأُخرى يكون المحمول أمراً غير الحجّية لكن يكون مرجعه إليها ، مثلاً ، نقول :
هل الأمر يدلّ على الفور أو التراخي؟
أو انّ الأمر يدلّ على المرّة والتكرار؟
فالمحمول في تينك المسألتين ونظائرها أمر غير الحجّية ، لكن يرجع الكلام إلى البحث عن وجود الحجّة للفقيه على كون الواجب فورياً أو غير فوري أو واجباً مرة أو غير مرة ، وقد عرفت في صدر الكتاب أنّ الفقيه يعلم أنّ بينه وبين ربّه حججاً شرعية في بيان الواجبات والمحرّمات ، فيبحث في علم الأُصول عن تشخّص تلك الحجج الكلية في موضوع خاص وهو كون الأمر حجّة على الوجوب إذا كان دالاً على الوجوب ، وحجّة على الفور والتراخي إذا كان موضوعاً لهما ، وحجّة على المرّة والتكرار إذا كان موضوعاً لهما ، فروح البحث في الجميع هو البحث عن وجود الحجّة على أحد هذه الأُمور.
__________________
١ ـ نهاية الأُصول : ١ / ١٤٢.