ومما ذكرنا ظهر الحال فيما اشتبهت حليته وحرمته بالشبهة الموضوعية من الحيوان ، وأن أصالة عدم التذكية محكمة فيما شك فيها لاجل الشك في تحقق ما اعتبر في التذكية شرعا ، كما أن أصالة قبول التذكية محكمة إذا
______________________________________________________
وثالثة : يستصحب نفس طهارة بدنه قبل الجلل ، وهذا استصحاب تنجيزي لا تعليقي ، ويشك في ارتفاعها عند الذبح لاجل الجلل ، فان الذبح بالنسبة الى الحيوان غير الجلال تأثيره بالنسبة الى حلية الاكل تأثير حدوث ، لوضوح انه لا يجوز اكل الحيوان الحي ، وانما يجوز اكل الحيوان المذبوح بواسطة تأثير الذبح في حدوث الحلية له بعد الذبح ، واما بالنسبة الى طهارة بدنه فالذبح انما يؤثر في بقاء طهارة بدنه بعد زهاق الروح ، فالتذكية بالنسبة الى طهارة بدن الحيوان لا تؤثر احداث الطهارة ، وانما اثرها بالنسبة الى الطهارة هو إبقاؤها واستمرارها ، وليست نفس طهارة بدن الحيوان من آثار الخصوصية ، لوضوح تحقق الطهارة في بعض الحيوان الميت حتف انفه وهو ما لا نفس له.
فاتضح ان استصحاب نفس طهارة بدن الحيوان قبل الجلل استصحاب تنجيزي ، وليس من آثار نفس الخصوصية حتى يكون استصحابه من قبيل السبب والمسبب.
وقد اشار المصنف الى الاستصحاب بالنحو الاول وهو استصحاب نفس الخصوصية بقوله : ((فاصالة قبولها)) أي اصالة قبول الحيوان للتذكية المتيقن لفرض تحقق الخصوصية فيه قبل الجلل ، فاصالة بقاء هذه الخصوصية ((معه)) أي مع الجلل لاحتمال ارتفاعها به ((محكمة ومعها)) أي مع جريان هذا الاصل الموضوعي المثبت لبقاء قبول التذكية ((لا مجال لاصالة عدم تحققها)) أي عدم تحقق التذكية.
واما قوله (قدسسره) : ((فهو قبل الجلل كان يطهر ويحل بالفري ... الى آخر الجملة)) فيحتمل ان يكون اشارة الى الاستصحاب التعليقي ، ويحتمل ان يكون اشارة الى الاستصحاب التنجيزي وهو طهارة بدن الحيوان قبل الجلل ، والمراد من قوله : ((يطهر)) هو استمرار بقاء الطهارة.