وهي : أن سعادة كل شيء هي بلوغه منتهى كماله وغاية فعليته بحسب نوعه ، وهي الفعلية التامة من جميع ما لنوعه من الاستعداد.
وهذه هي المرتبة العليا من السعادة.
ويقابلها الشقاوة المطلقة ، وهي عدم كمال عن موضوع قابل له ، وما بين أقصى الطرفين مراتب لا تحصى.
وحيث أن المرتبة العليا من السعادة قليلة جدا وهي في الإنسان أقل ، بل من أول الدهر إلى آخره الإنسان الكامل بتمام معنى الكلمة البالغ غاية فعلية هذا النوع منحصر في فرد واحد ، وهو أشرف الانبياء والمرسلين محمد صلىاللهعليهوآله ، فلا محالة سعادة كل انسان ممزوجة بالشقاوة ، بمقدار نقص حظ الإنسان من السعادة له حظ من الشقاوة.
إذا عرفت ذلك فاعلم : انهما تنتزعان عن الاطاعة التي توجب القرب إلى الله تعالى وصيرورة الإنسان كاملا ، والعصيان الموجب للبعد ، ولنقص حظ الإنسان من الكمال فلا معنى لكون الاطاعة ناشئة عن السعادة والعصيان ناشئا عن الشقاوة ، فهما ليستا ذاتيين.
لا يقال : ان منشأهما من الصفات النفسانية المعبر عنها في الاخبار بجنود العقل وجنود الجهل ، من الذاتيات.
فانه يقال : ان الله سبحانه أعطى بحكمته الكاملة كل مكلف قوتين داعيتين إلى الخير والشر ، احداهما العقل ، والاخرى الجهل. وخلق صفات حسنة تقوى العقل في دعوته إلى الخير ، وخلق ضدها من الرذائل تقوى الجهل في دعوته إلى