أثرا روحيا لا يقبل الانطباق على قوانين المادة حتى نحكم بوجود حقيقة الإنيّة.
وقال المتأخرون منهم : ان المتحصل من التشريح والفزيولوجيا ان الخواص الروحية الحيوية تستند إلى جراثيم الحياة والخلايا التي هي الاصول في حياة الإنسان ، فالنفس أثر مخصوص لكل واحد منها أرواح متعددة ، فالإنيّة المشهودة للانسان على صفة الوحدة مجموعة متكونة من أرواح غير محصورة على صفة الاجتماع ، ولذا هذه الخواص الروحية تبطل بموت الخلايا وتفسد بفسادها ، فلا معنى للروح المجردة الباقية بعد فناء التركيب البدني.
هذه هي عمدة ما استدل بها الماديون على نفى أمر آخر وراء أعضاء البدن ، وهناك وجوه أخر يظهر ما فيها مما نورده على هذه الوجود.
ويرد على الوجه الأول : انه إذا كان المفروض أمورا كثيرة بحسب الواقع لا وحدة لها ، وليس وراء تلك الأمور شيء آخر ، وكون ما نرى من الامر المشهود الذي هو النفس الواحدة هو عين هذه الادراكات الكثيرة.
فما الموجب لحصول هذا الواحد الذي لا يشاهد غيره ، ومن أين حصلت الوحدة؟.
وما ذكروه من الوحدة الاجتماعية غير مربوطة بالمقام ، فان الواحد الاجتماعي هو الكثير في الواقع الواحد في الحس أو الخيال ، لا في نفسه ، والمدَّعى في المقام كون الادراكات الكثيرة في أنفسها هي شعور واحد عند أنفسها.
وان قيل : ان المدرك في المقام هو الجزء الدماغي.