إلى أن قال : ولما كان من جملة الأسباب ارادتنا وتفكرنا وتخيلنا فالفعل اختياري لنا ، فان الله تعالى أعطانا القوة والاستطاعة ليبلونا أينا أحسن عملا مع احاطة علمه ، فوجوبه لا ينافي امكانه واضطراريته لا تدافع كونه اختياريا ، كيف وانه ما وجب الا بالاختيار.
ثم أخذ في بيان عدم اختيارية الارادة إلى أن قال : فنحن اذاً في عين الاختيار مجبورون (١). فنحن إذا مجبورون على الاختيار.
وهو كما سيمر عليك ليس أمرا بين الامرين بل هو عين الجبر.
وللاصحاب تقاريب أخر له ، ولكن بعضها يرجع إلى ما تقدم وبعضها يؤول إلى الجبر.
والحق في تصويره أن يقال : ان الجبر المنفى هو قول الاشاعرة والجبرية المتقدم ، والتفويض المنفى هو قول المعتزلة أنه تعالى أوجد العباد واقدرهم على أعمالهم وفوض إليهم الاختيار ، فهم مستقلون بايجادها على وفق مشيتهم وقدرتهم ، وليس لله تعالى في أعمالهم صنع.
وأما الامر بين الامرين فهو أن الفعل انما يصدر عن اختيار العبد وقدرته ،
__________________
(١) وفي حواشي الوافي للعلامة المجلسي واستاذه النائيني وغيرهما من الاعلام رحمهمالله نقلا عن كتاب الهدايا للميرزا محمد" مجذوب" التبريزي (ره) قال : قال المحقق الطوسي نصير الملة والدين في بعض رسائله المعمول لتحقيق الامر بين الامرين : «العبد مختار في الفعل والترك ، إلا أن مشيئته ليست تحت قدرته كما قال الله تعالى (وما تشاءون إلا أن يشاء الله) فإذن نحن في مشيئتنا مضطرون وفي عين الاختيار مجبورون ...