والثاني : أنه متعلق بفعل مقدر ، ويتعلق (عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ) بهذا الفعل الظاهر.
قال الزمخشري : «وعن ابن كثير : أنه قرأ «عمّه» بهاء السكت ، ولا يخلو إما أن يجري الوصل مجرى الوقف ، وإما أن يقف ، ويبتدىء ب (يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ) على أن يضمر «يتساءلون» ؛ لأن ما بعده يفسره كشيء مبهم ثم يفسر».
فصل في لفظ عم
قال ابن الخطيب (١) : «عم» أصله : «عن ما» ؛ لأنه حرف جر دخل على «ما» الاستفهامية.
قال حسان بن ثابت : [الوافر]
٥٠٦٨ ـ على ما قام يشتمني لئيم |
|
.......... (٢) |
والاستعمال الكثير على الحذف ، وعلى الأصل قليل ، وذكروا في سبب الحذف وجوها :
أحدها : قال الزجاج : لأن الميم تشرك النون في الغنّة في الأنف فصارا كالحرفين المتماثلين.
وثانيها : قال الجرجاني : أنهم إذا وضعوها في استفهام حذفوا ألفها تفرقة بينها وبين أن يكون اسما ، كقولهم : فيم ولم وبم وحتام.
وثالثها : قالوا : حذفت الألف لاتصال «ما» بحرف الجر حتى صارت كالجزء منه لينبىء عن شدة الاتصال.
ورابعها : حذف للتخفيف في الكلام ، فإنه لفظ كثير التّرداد على اللسان.
فصل في أن السائل والمجيب هو الله تعالى
قال ابن الخطيب (٣) : قوله تعالى (عَمَّ يَتَساءَلُونَ) سؤال ، وقوله : (عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ) جواب ، والسائل والمجيب هو الله تعالى ، وذلك يدلّ على علمه بالغيب ، بل بجميع المعلومات ، وفائدة ذكره في معرض السؤال والجواب ؛ لأنه أقرب إلى التفهيم والإيضاح ، ونظيره قوله تعالى : (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) [غافر : ١٦].
فصل في لفظ ما
«ما» لفظة وضعت لطلب ماهيّات الأشياء ، وحقائقها ، تقول : ما الملك؟ وما
__________________
(١) ينظر : الفخر الرازي ٣١ / ٣.
(٢) تقدم.
(٣) ينظر الفخر الرازي ٣١ / ٣.