قال شهاب الدّين (١) : قد وردت زيادتها في خبر : «إنّ» كهذه الآية ؛ وفي قول امرىء القيس : [الطويل]
٥٢٠٣ ـ ........... |
|
فإنّك ممّا أحدثت بالمجرّب (٢) |
إلّا أنّ هذه ضرورة ، لا يقاس عليه الكلام ، فضلا عن أفصحه.
فصل
تقدم الكلام في : «المرصاد» ، عند قوله : (كانَتْ مِرْصاداً) [النبأ : ٢١] ، وهذا مثل لإرصاده العصاة بالعقاب بأنهم لا يفوتونه ، كما قيل لبعض العرب : أين ربك؟ قال : بالمرصاد.
وقال الفراء : معناه : إليه المصير.
وقال الزجاج : يرصد من كفر به وعاند طاعته بالعذاب.
وقال الضحاك : يرصد أهل الظلم ، والمعصية.
قوله تعالى : (فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (١٥) وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ)(١٦)
قوله : (فَأَمَّا الْإِنْسانُ) : مبتدأ ، وفي خبرها وجهان :
أصحهما : أنه الجملة من قوله : «فيقول» ، كقوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ) [البقرة : ٢٦] كما تقدم ، والظرف حينئذ منصوب بالخبر ؛ لأنه في نية التأخير ، ولا يمنع الفاء من ذلك. قاله الزمخشري (٣).
الثاني : «إذا» : شرطية ، وجوابها : «فيقول» ، وقوله : «فأكرمه» : معطوف على «ابتلاه» ، والجملة الشرطية خبر : «الإنسان». قاله أبو البقاء (٤).
وفيه نظر ؛ لأن «أما» تلزم الفاء في الجملة الواقعة خبرا عما بعدها ، ولا تحذف إلا مع قول مضمر ، كقوله : (فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ) [آل عمران : ١٠٦] كما تقدم ، إلا في ضرورة.
قال الزمخشريّ (٥) : «فإن قلت : بم اتّصل قوله تعالى : (فَأَمَّا الْإِنْسانُ)؟.
قلت : بقوله : (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ) ، فكأنه قيل : إن الله لا يريد من الإنسان إلا الطّاعة ، فأما الإنسان ، فلا يريد ذلك ، ولا يهمه إلا العاجلة» انتهى.
__________________
(١) الدر المصون ٦ / ٥٢٠.
(٢) تقدم.
(٣) ينظر : الكشاف ٤ / ٧٤٩.
(٤) ينظر : الإملاء ٢ / ٢٨٦.
(٥) الكشاف ٤ / ٧٤٩.