قوله (إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ) على إضمار القول ، أي : يقولون بألسنتهم لليتيم والمسكين والأسير إنما نطعمكم في الله ـ جل ثناؤه ـ فزعا من عذابه وطمعا في ثوابه (لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزاءً وَلا شُكُوراً) أي : ولا تثنوا علينا بذلك.
قال ابن عباس : كذلك كانت نيّاتهم في الدنيا حين أطعموا (١).
وعن مجاهد : أما إنهم ما تكلموا به ، ولكن علمه الله منهم ، فأثنى به عليهم ليرغب في ذلك راغب (٢).
قيل : هذه الآيات نزلت في مطعم بن ورقاء الأنصاري نذر نذرا فوفى به.
وقيل : نزلت فيمن تكفل بأسرى بدر ، وهم سبعة من المهاجرين : أبو بكر ، وعمر ، وعلي ، والزبير ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعيد ، وأبو عبيدة ـ رضي الله عنهم ـ ذكره الماوردي.
وقال مقاتل : نزلت في رجل من الأنصار أطعم في يوم واحد مسكينا ، ويتيما ، وأسيرا(٣).
وقيل : نزلت في علي وفاطمة ـ رضي الله عنهما ـ وجارية لهما اسمها فضة.
قال القرطبي (٤) : نزلت في جميع الأبرار ، ومن فعل فعلا حسنا ، فهي عامة ، وما ذكر عن عليّ ، وفاطمة لا يصح.
وروى جابر الجعفي في قوله تعالى : (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ) ، عن قنبر مولى علي ـ رضي الله عنه ـ قال : مرض الحسن والحسين حتى عادهما أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال أبو بكر ـ رضي الله عنه ـ : يا أبا الحسن لو نذرت عن ولديك نذرا ، فقال عليّ ـ رضي الله عنه ـ إن برأ ولدي صمت لله ثلاثة أيام شكرا.
وقالت فاطمة ـ رضي الله عنها ـ مثل ذلك ، وقال الحسن والحسين مثل ذلك وذكر الحديث. قال أهل الحديث : جابر الجعفي كذاب.
فصل في الإحسان إلى الغير
قال ابن الخطيب (٥) : اعلم أن الإحسان إلى الغير تارة يكون لأجل الله ، وتارة يكون لغير الله ، إما طلبا لمكافأة أو طلبا لحمد وثناء ، وتارة يكون لهما ، وهذا هو الشرك ، والأول هو المقبول عند الله ، وأما القسمان الباقيان فمردودان ، قال تعالى : (لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النَّاسِ) [البقرة : ١٦٤].
__________________
(١) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٩ / ٨٤).
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٣٦١) عن مجاهد.
(٣) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٩ / ٨٤).
(٤) الجامع لأحكام القرآن ١٩ / ٨٥.
(٥) الفخر الرازي ٣٠ / ٢١٨.