قوله تعالى : (يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ (٦) تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ (٧) قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ (٨) أَبْصارُها خاشِعَةٌ (٩) يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ (١٠) أَإِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً (١١) قالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ (١٢) فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ (١٣) فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ)(١٤)
قوله تعالى : (يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ) منصوب بفعل مقدّر ، وهو جواب القسم ، تقديره: لتبعثنّ ، لدلالة ما بعده عليه.
قال الفرّاء : ويدل عليه قوله تعالى : (أَإِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً) ، ألست ترى أنه كالجواب لقولهم : (أَإِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً) نبعث؟ فاكتفى بقوله : (أَإِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً)؟.
وقال الأخفش والزجاج : ينفخن في الصّور نفختين ، بدليل ذكر «الرّادفة» و «الرّاجفة» ، وهما النّفختان.
قال الزمخشريّ (١) : فإن قلت : كيف جعلت «يوم ترجف» ظرفا للمضمر الذي هو لتبعثنّ ، ولا يبعثون عند النفخة الأولى؟.
قلت : المعنى : لتبعثن في الوقت الواسع الذي تقع فيه النفختان ، وهم يبعثون في بعض ذلك الوقت الواسع ، وهو وقت النفخة الأخرى ، ودلّ على ذلك أن قوله : (تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ) جعل حالا عن «الرّاجفة».
وقيل : العامل مقدر ، أي : اذكر يوم ترجف.
وفي الجواب على هذا التقدير وجوه :
أحدها : قوله : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً) [النازعات : ٢٦].
واستقبحه أبو بكر بن الأنباري ، لطول الفصل.
الثاني : أنه قوله : (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى) [الإنسان : ١] ؛ لأن «هل» بمعنى : «قد».
وهذا غلط ؛ لأنه كما تقدّم في «هل أتى» أنّها لا تكون بمعنى : «قد» إلّا في الاستفهام على ما قال الزمخشري.
الثالث : أن الجواب : «تتبعها» وإنّما حذفت «اللام» ، والأصل : «اليوم ترجف الرّاجفة تتبعها» ، فحذفت «اللّام» ، ولم تدخل نون التوكيد على تتبعها للفصل بين «اللام» المقدّرة ، وبين الفعل المقسم عليه بالظرف ، ومثله : (لَإِلَى اللهِ تُحْشَرُونَ) [آل عمران : ١٥٨].
وقيل : في الكلام تقديم ، وتأخير ، أي : يوم ترجف الرّاجفة ، تتبعها الرّادفة والنّازعات.
__________________
(١) ينظر الكشاف ٤ / ٦٩٣.