«أرم» وفاعل «أرم» ضمير يعود على الله ـ تعالى ـ ، أي : أرمها الله ، ويكون : «أرم» بدلا من : «فعل ربّك» وتبيينا له.
وقرأ ابن الزّبير (١) : «بعاد أرم» بإضافة : «عاد» إلى : «أرم» مفتوح الهمزة مكسور الراء ، وقد تقدم أنه اسم مدينة.
وقرأ (٢) : «إرم ذات» ، بإضافة : «إرم» إلى : «ذات».
وروي عن مجاهد : «أرم» (٣) يعني : بفتحتين ، مصدر «أرم ، يأرم» ، أي : هلك ، فعلى هذا يكون منصوبا ب : «فعل ربّك» نصب المصدر التشبيهي ، والتقدير : كيف أهلك ربك عادا إهلاك ذات العماد؟ وهذا أغرب الأقوال.
و «ذات العماد» : إن كان صفة لقبيلة ، فمعناه : أنهم أصحاب خيام لها أعمدة يظعنون بها ، أو هو كناية عن طول أبدانهم [كقولهم : رفيع العماد طويل النجاد قاله ابن عباس رضي الله عنهما](٤) ، وإن كان صفة للمدينة ، فمعناه : أنها ذات عمد من الحجارة.
قوله : (الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ) : يجوز أن يكون : تابعا ، وأن يكون : مقطوعا ، رفعا ونصبا.
والعامة على : «يخلق» مبنيا للمفعول ، «مثلها» مرفوع على ما لم يسم فاعله.
وعن ابن الزّبير (٥) : «يخلق» مبنيا للفاعل ، «مثلها» منصوب به ، وعنه أيضا : «نخلق» (٦) بنون العظمة.
فصل في الكلام على إرم وعاد
قال القرطبيّ (٧) : من لم يضف جعل «إرم» : اسم «عاد» ، ولم يصرفه ؛ لأنه جعل «عادا» اسم أبيهم ، و «إرم» : اسم القبيلة ، وجعله بدلا منه ، أو عطف بيان.
ومن قرأه بالإضافة ولم يصرفه جعله اسم أمهم ، أو اسم بلدتهم ، وتقديره : بعاد أهل إرم ، كقوله : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) [يوسف : ٨٢] ، ولم تنصرف ـ قبيلة كانت ، أو أرضا ـ للتعريف والتأنيث.
والإرم : العلم ، أي : بعاد أهل ذات العلم ، والخطاب للنبيّ صلىاللهعليهوسلم ، والمراد عام ، وكان أمر عاد وثمود عندهم مشهورا ، إذ كانوا في بلاد العرب ، وحجر ثمود موجود اليوم ، وأمر فرعون يسمعونه من جيرانهم من أهل الكتاب ، واستفاضت به الأخبار ، وبلاد فرعون متصلة بأرض العرب.
__________________
(١) ينظر ، المحرر الوجيز ٥ / ٤٧٨ ، البحر المحيط ٨ / ٤٦٤ ، والدر المصون ٦ / ٥١٩.
(٢) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٤٦٤ ، والدر المصون ٦ / ٥١٩.
(٣) ينظر السابق.
(٤) سقط من ب.
(٥) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٤٧٨ ، والبحر المحيط ٨ / ٤٦٤ ، والدر المصون ٦ / ٥١٩.
(٦) ينظر السابق.
(٧) الجامع لأحكام القرآن ٢٠ / ٣٠.