قوله تعالى : (فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى (٣٤) يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ ما سَعى (٣٥) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرى (٣٦) فَأَمَّا مَنْ طَغى (٣٧) وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا (٣٨) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى (٣٩) وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى (٤٠) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى)(٤١)
قوله تعالى : (فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى) في جواب «إذا» أوجه :
أحدها : قوله : (فَأَمَّا مَنْ طَغى) ، نحو : «إذا جاءك بنو تميم ، فأما العاصي فأهنه ، وأمّا الطائع فأكرمه».
وقيل : محذوف.
فقدّره الزمخشريّ : فإن الأمر كذلك ، أي : فإنّ الجحيم مأواه.
وقدّره غيره : انقسم الرّاءون قسمين.
وقيل : عاينوا أو علموا.
وقيل : جوابها أدخل أهل النار النار ، وأهل الجنة الجنة.
وقال أبو البقاء : العامل فيها جوابها ، وهو معنى قوله تعالى : (يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ).
والطّامة الكبرى : الدّاهية العظمى التي تطمّ على غيرها من الدّواهي لعظمها ، و «الطّمّ»: «الدفن» ، ومنه : طمّ السّيل الرّكية ، وفي المثل : جرى الوادي فطمّ على القرى.
وقيل : مأخوذ من قولهم : طمّ الفرس طميما ، إذا استفرغ جهده في الجري ، والمراد بها في القرآن : النّفخة الثانية ؛ لأن بها يحصل ذلك.
قال ابن عباس : هي النّفخة الثانية التي يكون معها البعث (١).
وعن ابن عباس ـ رضي الله عنه ـ أيضا ، والضحاك : أنّها القيامة ، سميت بذلك ؛ لأنّها تطمّ على كل شيء فتغمره (٢).
وقال القاسم بن الوليد الهمداني : الطامة الكبرى حين يساق أهل الجنّة إلى الجنة ، وأهل النار إلى النار (٣).
__________________
(١) ذكره الماوردي في «تفسيره» (٦ / ٢٠٠) ، عن الحسن. وذكره القرطبي (١٩ / ١٣٤) ، عن ابن عباس من طريق الضحاك عنه.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٤٤٠) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥١٥) ، وعزاه إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.
وينظر تفسير الماوردي (٦ / ٢٠٠) ، والقرطبي (١٩ / ١٣٤).
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٤٤٠) ، عن القاسم بن الوليد وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥١٥) ، وعزاه إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر.