٥١١٥ ـ أصمّ بك النّاعي وإن كان أسمعا |
|
.......... (١) |
وجواب «إذا» محذوف ، يدل عليه قوله : (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) والتقدير : فإذا جاءت الصاخة اشتغل كل أحد بنفسه.
فصل في تعلق الآية
لما ذكر أمر المعاش ذكر أمر المعاد ليتزودوا له بالأعمال الصالحة ، والإنفاق مما امتن به عليهم.
وقال ابن الخطيب (٢) : لمّا ذكر تعالى هذه الأشياء ، وكان المقصود منها أمور ثلاثة :
أولها : الدلائل الدالة على التوحيد.
وثانيها : الدلائل الدالة على القدرة والمعاد.
وثالثها : أن هذا الإله الذي أحسن إلى عبيده بهذه الأنواع العظيمة من الإحسان ، لا يليق بالعاقل أن يتمرّد عن طاعته ، وأن يتكبّر على عبيده أتبع ذلك بما يكون كالمؤكّد لهذه الأغراض ، وهو شرح [أهوال الآخرة](٣) ، فإن الإنسان إذا سمعها خاف ، فيدعوه ذلك الخوف إلى التأمل في الدلائل ، والإيمان بها ، والإعراض عن الكفر ، ويدعوه أيضا إلى ترك التكبّر على الناس ، وإلى إظهار التواضع فقال تعالى : (فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ) يعني : صيحة القيامة ، وهي النفخة الأخيرة ، تصخّ الأسماع أي : تصمّها ، فلا تسمع إلا ما يدعى به الأحياء.
قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما من دابّة إلا وهي مصيخة يوم الجمعة شفقا من السّاعة إلّا الجنّ والإنس» (٤).
قوله : (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ) بدل من «إذا» ، ولا يجوز أن يكون «يغنيه» عاملا في «إذا» ، ولا في «يوم» ؛ لأنه صفة ل «شأن» ولا يتقدم معمول الصّفة على موصوفها.
والعامة على «يغنيه» من الإغناء.
__________________
(١) صدر بيت لأبي تمام الطائي وعجزه :
وأصبح مغنى الحسود بعدك بلقعا
ينظر ديوانه ٣٦١ ، والبحر ٨ / ٤٢١ ، والقرطبي ١٩ / ١٤٦ ، والدر المصون ٦ / ٤٨٢.
(٢) ينظر الفخر الرازي ٣١ / ٥٨.
(٣) في أ : أحوال القيامة.
(٤) أخرجه أحمد (٢ / ٤٨٦) ، وأبو داود (١٠٤٦) ، والترمذي (٤٩١) ، والنسائي (٣ / ١١٣ ـ ١١٥) ، والحاكم (١ / ٢٧٨ ـ ٢٧٩) ، وابن خزيمة (٣ / ١٢٠) ، رقم (١٧٣٨) ، وابن حبان (١٠٢٤ ـ موارد) ، والبيهقي (٣ / ٢٥٠ ـ ٢٥١) ، من حديث أبي هريرة وقال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح.