تضمنه من المبالغة في الوعيد في إبراز وصفهم الشنيع ، ولا شكّ أن الظاهر من الكلام أن السورة كلها في وصف قوم جمعوا بين هذه الأوصاف كلها من التكذيب بالدين ، ودفع اليتيم ، وعدم الحضّ على طعام المسكين ، والسهو في الصلاة ، والمراءاة ، ومنع الخير.
قوله : (الَّذِينَ هُمْ) ، يجوز أن يكون مرفوع المحل ، وأن يكون منصوبه ، وأن يكون مجروره ، تابعا أو بدلا أو بيانا ، وكذلك الموصول الثاني ، إلّا أنه يحتمل أن يكون تابعا للمصلين ، وأن يكون تابعا للموصول الأول.
وقوله : (يُراؤُنَ) أصله : يرائيون ك «يقاتلون» ، ومعنى المراءاة : أي : أن المرائي يري النّاس عمله ، وهم يرون الثّناء عليه ، فالمفاعلة فيها واضحة. وقد تقدم تحقيقه.
فصل في اتصال هذه الآية بما قبلها
في اتصال هذه الآية بما قبلها وجوه :
الأول : أنه لما كان إيذاء اليتيم ، والمنع من بذل طعام المسكين ، دليلا على النفاق ، كانت هاتين الخصلتين معاملة مع المخلوق.
والثاني : أنه تعالى لما ذكر هاتين الخصلتين مع التكذيب بيوم الدين ، قال : أليس الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر؟ فقال : ويل له من هذه الصلاة ، كيف لا تنهاه عن هذه الأفعال المنكرة.
والثالث : كأنه يقول : إقدامه على إيذاء اليتيم ، وتركه للحث على طعام المسكين تقصير في الشّفقة على خلق الله تعالى ، وسهوه في الصلاة تقصير في التعظيم لأمر الله تعالى ، فلما وقع التقصير في الأمرين كملت شقاوته.
فصل في المراد بالمرائي في الصلاة
قال ابن عباس : هو المصلي ، الذي إذا صلّى لم يرج لها ثوابا ، وإن تركها لم يخش عليها عقابا.
وعنه أيضا : الذين يؤخرونها عن أوقاتها (١).
قال سعد بن أبي وقّاص ـ رضي الله عنه ـ : قال النبي صلىاللهعليهوسلم في قوله تعالى : (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ) : «الّذين يؤخّرون الصّلاة عن وقتها تهاونا بها»(٢).
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٧٠٦) ، وذكره السيوطي «الدر المنثور» (٦ / ٦٨٣) ، وعزاه إلى الطبري.
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٧٠٦) ، والبزار (٣٩٢ ـ كشف) ، والبيهقي (٢ / ٢١٤) ، مرفوعا.
قال البيهقي : وهذا الحديث إنما يصح موقوفا. والموقوف أخرجه الطبري (١٢ / ٦ ـ ٧) ، والبيهقي ـ