والثاني : أن «جمالات» جمع «جمالة». قاله الزمخشري. وهو ظاهر.
وقرأ ابن عبّاس والسلمي (١) وأبو حيوة : «جمالة» بضم الجيم لما قاله الزمخشري آنفا.
وروي عن علي ـ رضي الله عنه ـ أنها قطع النّحاس.
قوله : (صُفْرٌ). صفة ل «جمالات» أو ل «جمالة» لأنه إما جمع أو اسم جمع.
والعامة : على سكون الفاء جمع ، والحسن (٢) بضمها ، كأنه إتباع ، ووقع التشبيه بها في غاية الفصاحة.
قال الزمخشري : وقيل : «صفر» سود تضرب إلى الصفرة ، وفي شعر عمران بن حطّان الخارجيّ : [الطويل]
٥٠٦٢ ـ دعتهم بأعلى صوتها ورمتهم |
|
بمثل الجمال الصّفر نزّاعة الشّوى (٣) |
وقال أبو العلاء : [الكامل]
٥٠٦٣ ـ حمراء ساطعة الذّوائب في الدّجى |
|
ترمي بكلّ شرارة كطراف (٤) |
فشبهها بالطّراف ، وهو بيت الأدم في العظم والحمرة ، وكأنه قصد بخبثه أن يزيد على تشبيه القرآن ، ولتبجحه بما سوّل له من توهم الزيادة جاء في صدر بيته قوله : حمراء ، توطئة لها ومناداة عليها تنبيها للسّامعين على مكانها ، ولقد عمي ، جمع الله له عمى الدارين عن قوله تعالى : (كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ) فإنه بمنزلة قوله : كبيت أحمر وعلى أن في التشبيه بالقصر ، وهو الحصن تشبيها من جهتين : من جهة العظم ، ومن جهة الطّول في الهواء. انتهى.
وكان قد قال قبل ذلك بقليل : «شبهت بالقصور ، ثم بالجمال لبيان التشبيه ؛ ألا ترى أنهم يشبهون الإبل بالأفدان والمجادل».
والأفدان : القصور ؛ كأنه يشير إلى قول عنترة : [الكامل]
٥٠٦٤ ـ فوقفت فيها ناقتي وكأنّها |
|
فدن لأقضي حاجة المتلوم (٥) |
فصل في المراد بالقصر
قال القرطبي (٦) : القصر : البناء العالي.
__________________
(١) ينظر : السابق.
(٢) ينظر السابق.
(٣) ينظر الكشاف ٤ / ٦٨١ ، والقرطبي ١٩ / ١٠٧ ، والبحر المحيط ٨ / ٣٩٨ ، والدر المصون ٦ / ٤٥٩.
(٤) ينظر : الكشاف ٤ / ٦٨١ ، والدر المصون ٦ / ٤٥٩.
(٥) ينظر ديوان عنترة ص ١١٩ ، ومجمع البيان ١ / ٣٦٤ ، والمعلقات للزوزني ١٤٢ ، والبحر ٨ / ٣٩٨ ، والدر المصون ٦ / ٤٥٩.
(٦) ينظر الجامع لأحكام القرآن ١٩ / ١٠٦.