ضعيفة ، أما هذه الواقعة ، فلا يجري فيها تلك الأعذار ، وليس في شيء من الطّبائع والحيل أن يعهد طير معها حجارة ، فيقصد قوما دون قوم فيقتلهم ، ولا يمكن أن يقال : إنه كسائر الأحاديث الضعيفة ؛ لأنه لم يكن بين عام الفيل ، ومبعث الرسول إلا نيفا وأربعين سنة ، ويوم تلا رسول الله صلىاللهعليهوسلم هذه الآية ، كان قد بقي جمع شاهدوا تلك الواقعة ، فلا يجري فيها تلك الأعذار ، ولو كان النقل ضعيفا لكذبوه ، فعلمنا أنه لا سبيل للطّعن فيها.
قوله : (تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ) ، «بحجارة» صفة ل «طير» ، وقرأ العامة : «ترميهم» بالتأنيث.
وأبو حنيفة ، وابن يعمر (١) ، وعيسى ، وطلحة : بالياء من أسفل ، وهما واضحتان ، لأن اسم الجمع يذكر ويؤنث.
ومن الثانية قوله : [البسيط]
٥٣١١ ـ .......... |
|
كالطّير ينجو من الشّؤبوب ذي البرد (٢) |
وقيل : الضمير لربّك ، أي : يرميهم ربك بحجارة ، و «من سجّيل» صفة ل «حجارة» والسجيل ، قال الجوهري (٣) : قالوا حجارة من طين ، طبخت بنار جهنم ، مكتوب فيها أسماء القوم ، لقوله تعالى : (لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ) [الذاريات : ٣٣].
وقال عبد الرحمن بن أبزى : «من سجّيل» من السماء ، وهي الحجارة التي نزلت على قوم لوط.
وقيل : من الجحيم ، وهي «سجّين» ثم أبدلت اللام نونا ، كما قالوا في أصيلان : أصيلال ، قال ابن مقبل : [البسيط]
٥٣١٢ ـ .......... |
|
ضربا تواصت به الأبطال سجّينا (٤) |
إنما هو «سجيلا».
وقال الزجاج : «من سجّيل» ، أي : مما كتب عليهم أن يعذبوا به ، مشتق من السجل وقد تقدم القول في السجيل في سورة «هود».
__________________
(١) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٥١٢ ، والدر المصون ٦ / ٥٧٠.
(٢) عجز بيت للنابغة وصدره :
والخيل تمزع رهوا في أعنتها
ينظر ديوانه (١٤) ، والبحر ٨ / ٥١٢ ، والدر المصون ٦ / ٥٥٠.
(٣) ينظر : الصحاح ٥ / ١٧٢٥.
(٤) عجز بيت وصدره :
ورجلة يضربون البيض من عرض
ينظر مجاز القرآن ٢ / ٣١٢ ، ومعاني القرآن وإعرابه ٥ / ٣٦٤ ، واللسان (سجل) ، (رجل) والقرطبي ٢٠ / ١٣٥ ، والكشاف ٤ / ٩٠.