قال ابن عباس : (كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ) كغوغاء الجراد ، يركب بعضها بعضا ، كذلك الناس ، يجول بعضهم في بعض إذا بعثوا (١).
فإن قيل كيف يشبه الشيء الواحد بالصغير والكبير معا ، لأنه شبههم بالجراد المنتشر والفراش المبثوث؟.
فالجواب : أما التشبيه بالفرش ، فبذهاب كل واحد إلى جهة الآخر ، وأما التشبيه بالجراد ، فبالكثرة والتتابع ، ويكون كبارا ، ثم يكون صغارا.
قوله : (وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ). أي : الصوف الذي ينفش باليد ، أي : تصير هباء وتزول ، كقوله تعالى : (هَباءً مُنْبَثًّا) [الواقعة : ٦].
قال أهل اللغة : العهن : الصوف المصبوغ. وقد تقدم.
قوله تعالى : (فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ نارٌ حامِيَةٌ) سوف
قوله : (فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ). في الموازين قولان :
أحدهما : أنه جمع موزون ، وهو العمل الذي له وزن وخطر عند الله تعالى ، وهذا قول الفراء ، ونظيره قولك : له عندي درهم بميزان درهمك ، ووزن درهمك ، ويقولون : داري بميزان دارك ووزن دارك ، أي : حذاؤها.
والثاني : قال ابن عباس : جمع ميزان لها لسان وكفتان يوزن فيه الأعمال (٢).
[وقد تقدم القول في الميزان في سورة «الأعراف» و «الكهف» و «الأنبياء» ، وأنه له كفة ولسان يوزن فيها الصحف المكتوب فيها الحسنات ، والسيئات.
ثم قيل : إنه ميزان واحد بيد جبريل عليهالسلام يزن به أعمال بني آدم ، فعبر عنه بلفظ الجمع.
وقيل : موازين لكل حادثة ميزان](٣).
وقيل : الموازين : الحجج والدلائل ، قاله عبد العزيز بن يحيى.
واستشهد بقول الشاعر : [الكامل]
٥٢٩٢ ـ قد كنت قبل لقائكم ذا مرّة |
|
عندي لكلّ مخاصم ميزانه (٤) |
ومعنى (عِيشَةٍ راضِيَةٍ) ، أي : عيش مرضي ، يرضاه صاحبه.
__________________
(١) ذكره القرطبي في «تفسيره» (٢٠ / ١١٣) ، عن ابن عباس.
(٢) ينظر المصدر السابق.
(٣) سقط من : ب.
(٤) ينظر : القرطبي ٢٠ / ١١٣.