قال أبو البقاء (١) : وهو بعيد ، وأما «عند ربّهم» فيجوز أن يكون حالا من «جزاؤهم» ، وأن يكون ظرفا له ، و «أبدا» ظرف مكان منصوب ب «خالدين». أي لا يظعنون ولا يموتون.
قوله : (رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ) ، يجوز أن يكون دعاء مستأنفا ، وأن يكون خبرا ثانيا ، وأن يكون حالا ثانيا بإضمار «قد» عند من يلزم ذلك.
قال ابن عباس : «رضي الله عنهم ورضوا عنه» أي : رضوا بثواب الله تعالى (٢).
قوله : (ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) أي : ذلك المذكور من استقرار الجنة مع الخلود.
أي : خاف ربه ، فتناهى عن المعاصي.
روى أنس ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال لأبيّ بن كعب : إن الله تعالى أمرني أن أقرأ عليك : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا) ، قال : وسمّاني لك؟ قال ـ عليه الصّلاة والسلام ـ : «نعم» ، فبكى. خرجه البخاري ومسلم (٣).
قال القرطبيّ (٤) : «من الفقه قراءة العالم على المتعلم».
قال بعضهم : إنما قرأ النبي صلىاللهعليهوسلم على أبيّ ، ليعلم الناس التواضع لئلا يأنف أحد من التعلم والقراءة على من دونه في المنزلة.
وقيل : إن أبيا كان أسرع أخذا لألفاظ رسول الله صلىاللهعليهوسلم ويعلم غيره ، فأراد بقراءته عليه أن يأخذ ألفاظه ويقرأ كما سمع منه صلىاللهعليهوسلم ، وفيه فضيلة عظيمة لأبيّ رضي الله عنه وعن بقية الصحابة أجمعين إذ أمر صلىاللهعليهوسلم أن يقرأ عليه. والله أعلم.
__________________
(١) ينظر : الإملاء ٢ / ٢٩١.
(٢) ينظر تفسير القرطبي (٢٠ / ٩٩).
(٣) أخرجه البخاري (٨ / ٥٩٧) ، كتاب : التفسير ، باب : سورة لم يكن (٤٩٦٠) ، ومسلم (٤ / ١٩١٥) ، كتاب : فضائل الصحابة ، باب : من فضائل أبيّ بن كعب رقم (١٢٢ / ٧٩٩) ، من حديث أنس بن مالك.
(٤) ينظر : الجامع لأحكام القرآن ٢٠ / ٩٤.