وأعطيت فلانا كذا فقال عزوجل : ألم أجدك يتيما فأويتك؟ ألم أجدك ضالا فهديتك؟ ألم أجدك عائلا فأغنيتك؟ ألم أشرح لك صدرك؟ ألم أوتك ما لم أوت أحدا قبلك خواتيم سورة البقرة؟ ألم أتّخذك خليلا كما اتّخذت إبراهيم خليلا؟. قلت : بلى يا ربّ» (١).
قوله : (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ). الجار متعلق ب «حدّث» والفاء غير مانعة من ذلك قال مجاهد : تلك النعمة هي القرآن والحديث (٢).
وعنه أيضا : تلك النعمة هي النبوة ، أي : بلغ ما أنزل إليك من ربك قيل : تلك النعمة هي أن وفقك الله تعالى ، ورعيت حق اليتيم والسائل ، فحدث بها ؛ ليقتدي بك غيرك.
وعن الحسن بن علي ـ رضي الله عنهما ـ قال : إذا عملت خيرا فحدث به الثقة من إخوانك ليقتدوا بك (٣). إلا أن هذا لا يحسن إلا إذا لم يتضمن رياء ، وظن أن غيره يقتدي به.
وروى مالك بن نضلة الجشمي ، قال : كنت جالسا عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فرآني رثّ الثياب فقال : «ألك مال»؟.
قلت : نعم ، يا رسول الله ، من كل المال ، قال : «إذا آتاك الله مالا فلير أثره عليك».
وقال رسول الله : «إنّ الله تعالى جميل يحبّ الجمال ، ويحبّ أن يرى أثر نعمته على عبده» (٤).
فإن قيل : ما الحكمة في أن الله أخر نفسه على حق اليتيم والسائل؟.
فالجواب : كأنه سبحانه وتعالى يقول : أنا غني ، وهما محتاجان ، وحق المحتاج أولى بالتقديم ، واختار قوله : «فحدث» على قوله «فخبّر» ليكون ذلك حديثا عنه وينساه ، ويعيده مرة أخرى.
فصل
يكبر القارىء في رواية البزي عن ابن كثير (٥) ، وقد رواه مجاهد عن ابن عباس ، وروي عن أبيّ بن كعب ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه كان إذا بلغ آخر «الضّحى» كبّر بين كلّ سورة
__________________
(١) أخرجه الطبراني في «الكبير» (١١ / ٤٥٥) والبيهقي في «دلائل النبوة» (٧ / ٦٣) عن ابن عباس.
وقال الهيثمي في «المجمع» (٨ / ٢٥٦) : رواه الطبراني في الكبير والأوسط وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٦١١) وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم وأبي نعيم في «الدلائل» وابن مردويه وابن عساكر.
(٢) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٦١٢) وعزاه إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٣) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٦١٢) وعزاه إلى ابن أبي حاتم عن الحسن.
(٤) تقدم.
(٥) ينظر تفسير القرطبي (٢٠ / ٦٩).