وقرأ (١) عبد الله بن عمير : «تتجلى» بتاءين ، أي : الشمس ، وقرأ : «تجلي» (٢) بضم التاء وسكون الجيم أي : الشمس أيضا ، ولا بد من عائد على النهار محذوف أي : تتجلى أو تجلى فيه.
قوله : (وَما خَلَقَ). يجوز في «ما» أن تكون بمعنى «من» على ما تقدم في سورة «والشمس».
قال الحسن : معناه ، والذي خلق فيكون قد أقسم بنفسه تعالى (٣).
وقيل : مصدرية.
قال الزمخشري (٤) : «والقادر : العظيم القدرة الذي قدر على خلق الذكر والأنثى من ماء واحد» ، وقد تقدم هذا القول ، والاعتراض عليه ، والجواب عنه في السورة قبلها. وقرأ أبو الدرداء (٥) : «والذكر والأنثى» ، وقرأ عبد الله (٦) : «والذي خلق» ، وقرأ الكسائي ، ونقلها (٧) ثعلبة عن بعض السلف : (وَما خَلَقَ الذَّكَرَ) بجر الذكر.
قال الزمخشري (٨) : «على أنه بدل من محل ما خلق بمعنى وما خلقه الله ، أي : ومخلوق الله الذكر والأنثى ، وجاز إضمار اسم الله لأنه معلوم بالخلق ، إذ لا خالق سواه».
وقيل : المعنى ، وما خلق من الذكر والأنثى ، فتكون «من» مضمرة ، ويكون القسم منه بأهل طاعته ، من أنبيائه وأوليائه ويكون قسمه بهم تكريما لهم وتشريفا.
قال أبو حيان (٩) : وقد يخرج على توهم المصدر ، أي : وخلق الذكر ؛ كقوله : [المتقارب]
٥٢٢٤ ـ تطوف العفاة بأبوابه |
|
كما طاف بالبيعة الرّاهب (١٠) |
بجر «الراهب» على توهم النطق بالمصدر ، أي : كطوف الراهب انتهى.
__________________
(١) ينظر : البحر المحيط ٨ / ٤٧٧ ، والدر المصون ٦ / ٥٣٤.
(٢) ينظر السابق.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٦١٠).
(٤) الكشاف ٤ / ٧٦١.
(٥) وزعم الزمخشري وغيره أنها قراءة النبي صلىاللهعليهوسلم ينظر : الكشاف ٤ / ٧٦١ ، والمحرر الوجيز ٥ / ٤٩٠ ، والبحر المحيط ٨ / ٤٧٧ وقال أبو حيان : «وما ثبت في الحديث من قراءة «والذكر والأنثى» نقل آحاد ، مخالف للسواد ؛ فلا يعد قرآنا» ، وينظر : الدر المصون ٦ / ٥٣٤.
(٦) ينظر : الدر المصون ٦ / ٥٣٤.
(٧) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٤٩٠ ، والبحر المحيط ٨ / ٤٧٧ ، والدر المصون ٦ / ٥٣٤.
(٨) الكشاف ٤ / ٧٦٢.
(٩) ينظر البحر المحيط ٨ / ٤٧٧.
(١٠) ويروى الشطر الثاني :
كطوف النصارى ببيت الوثن
ينظر ديوان الأعشى ص ٢٠٩ ، والبحر ٨ / ٤٧٧ ، والدر المصون ٦ / ٥٣٥.