وأمّا الأبّ : فقيل : الأبّ للبهائم بمنزلة الفاكهة للنّاس.
وقيل : هو مطلق المرعى.
قال الشاعر يمدح النبي صلىاللهعليهوسلم : [الطويل]
٥١١٢ ـ له دعوة ميمونة ريحها الصّبا |
|
بها ينبت الله الحصيدة والأبّا (١) |
وقيل : سمي المرعى أبّا ؛ لأنه يؤبّ ، أي : يؤم وينتجع ، والأبّ والأمّ بمعنى ؛ قال الشاعر: [الرمل]
٥١١٣ ـ جذمنا قيس ونجد دارنا |
|
ولنا الأبّ به والمكرع (٢) |
وأبّ لكذا يؤبّ أبّا ، وأبّ إلى وطنه ، إذا نزع الشيء نزوعا : تهيّأ لقصده ، وهكذا أب بسيفه ، أي : تهيّأ لسله ، وقولهم : «إبان ذلك» هو فعلان منه ، وهو الشيء المتهيّىء لفعله ومجيئه ، وقيل : الأبّ : يابس الفاكهة لأنها تؤب للشتاء ، أي تعد.
وقيل : الأبّ ما تأكله البهائم من العشب.
قال ابن عباس والحسن : الأبّ : كل ما أنبتت الأرض مما لا يأكله الناس ، وما يأكله الآدميون ، هو : «الحصيد» (٣).
وعن ابن عباس وابن أبي طلحة : الأبّ ، الثّمار الرّطبة (٤).
وقال الضحاك : هو التّين خاصّة (٥). وهو محكي عن ابن عباس أيضا. وقيل : الأب الفاكهة رطب الثمار ويابسها.
وقال إبراهيم التيمي : سئل أبو بكر الصديق ـ رضي الله عنه ـ عن تفسير الفاكهة والأبّ ، فقال : أيّ سماء تظلني وأي أرض تقلّني إذا قلت في كتاب الله ما لا أعلم (٦).
وقال أنس : سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقرأ هذه الآية ، ثم قال : كل هذا عرفناه فما الأبّ؟ ثم رفع عصا كانت بيده ، ثم قال : هذا لعمر الله التكليف ، وما عليك يا ابن أم عمر ألا تدري ما الأبّ؟.
ثم قال : اتّبعوا ما بين لكم في هذا الكتاب ، وما لا فدعوه (٧).
__________________
(١) ينظر القرطبي ١٩ / ١٤٥ ، والبحر ٨ / ٤١٨ ، والدر المصون ٦ / ٤٨٢.
(٢) ينظر اللسان (أبب) ، والكشاف ٤ / ٧٠٤ ، والقرطبي ١٩ / ١٤٥ ، والبحر المحيط ٤٧١ ، ومجمع البيان ١٠ / ٦٦٧.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٤٥٢.
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٤٥٣.
(٥) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٢٢) ، عن الضحاك وعزاه إلى عبد بن حميد.
(٦) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٢٢) وعزاه إلى أبي عبيد في فضائله وعبد بن حميد.
(٧) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ٤٥١). وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٥٢٢) ، وزاد ـ