ولكنه فتح كما فتح الظرف في قوله : (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ) على قول الأخفش ، ثم قال : والوجه الثاني : هو مبنيّ (١).
وقال أبو عبيد : بعض العرب يجعل «مثل» نصبا أبدا ، فيقولون : هذا رجل مثلك (٢).
الرابع : أنه منصوب على إسقاط الجارّ وهو كاف التشبيه.
وقال الفراء : العرب تنصبها إذا رفع بها الاسم يعني المبتدأ فيقولون : مثل من عبد الله؟ وعبد الله مثلك وأنت مثله لأن الكاف قد تكون داخلة عليها فتنصب إذا ألقيت الكاف (٣).
قال شهاب الدين : وفي هذا نظر ، أيّ حاجة إلى تقدير دخول الكاف و «مثل» تفيد فائدتها؟ وكأنه لما رأى أن الكاف قد دخلت عليها في قوله : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) قال ذلك(٤).
الخامس : أنه نعت لمصدر محذوف ، أي لحقّ حقّا مثل نطقكم (٥).
السادس : أنه حال من الضمير في (لَحَقٌّ) ؛ لأنه قد كثر الوصف بهذا المصدر حتى جرى مجرى الأوصاف المشتقة ، والعامل فيها «حقّ» (٦).
السابع : أنه حال من نفس «حقّ» وإن كان نكرة (٧). وقد نصّ سيبويه في مواضع من كتابه على جوازه ، وتابعه أبو عمرو على ذلك.
و «ما» هذه في مثل هذا التركيب نحو قولهم : «هذا حقّ» ، كما أنك ههنا لا تجوّز حذفها ، فلا يقال : هذا حق كأنك ههنا. نص على ذلك الخليل ـ رحمهالله ـ (٨).
__________________
(١) المرجع السابق.
(٢) وهو اختيار أبي حاتم أيضا و «مثل» على معنى «كمثل». وانظر : الجامع للعلامة الإمام القرطبي ١٧ / ٤٤.
(٣) معاني القرآن له ٣ / ٨٥.
(٤) الدر المصون له مخطوط بمكتبة الإسكندرية لوحة رقم ١١.
(٥) البحر المحيط ٨ / ١٣٧ ومعاني الفراء ٣ / ٨٥.
(٦) وهو اختيار مكي قال : والأحسن أن يكون حالا من المضمر المرفوع في : «لحقّ» وهو العامل في المضمر وفي الحال ، وتكون عليه «ما» زائدة. و «مثل» مضاف إلى «أنكم». انظر ٦ المشكل ٢ / ٣٢٤ ، كما ذكره أبو حيان في بحره المرجع السابق وانظر : الكشف ٢ / ٢٨٨.
(٧) وهو رأي الجرمي رحمهالله ، وانظر المشكل والبحر والكشف المراجع السابقة.
(٨) بالمعنى من البحر لأبي حيان ٨ / ١٣٧ قال : «ويقول الناس : هذا حق كما أنك ههنا ، وهذا حق كما أنك ترى وتسمع ، وهذا كما في الآية و «ما» زائدة بنصّ الخليل ، ولا يحفظ حذفها ، فتقول : هذا حقّ كأنك ههنا».