فصل
قال المفسرون : قبل طلوع الشمس يعني صلاة الصبح ، وقبل الغروب يعني العصر ، وروي عن ابن عباس : قبل الغروب الظهر والعصر (وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ) يعني صلاة المغرب ، والعشاء. وقال مجاهد : ومن الليل يعني صلاة الليل ، أيّ وقت صلى (١).
قوله : (وَأَدْبارَ السُّجُودِ) قرأ نافع وابن كثير ، وحمزة : إدبار بكسر الهمزة (٢) ، على أنه مصدر قام مقام ظرف الزمان كقولهم : آتيك خفوق النّجم وخلافة الحجّاج. ومعنى وقت إدبار الصلاة أي انتصابها وتمامها (٣). والباقون (٤) بالفتح جمع (دبر) (٥) وهو آخر الصلاة وعقبها. ومنه قول أوس :
٤٥١٦ ـ على دبر الشّهر الحرام فأرضنا |
|
وما حولها جدب سنون تلمّع (٦) |
ولم يختلفوا في : (وَإِدْبارَ النُّجُومِ) [الطور : ٤٩].
وقوله : (وَأَدْبارَ) معطوف إمّا على (قَبْلَ الْغُرُوبِ) وإمّا على (وَمِنَ اللَّيْلِ).
فصل
قال عمر بن الخطاب ، وعليّ بن أبي طالب ، والحسن ، والشعبيّ ، والنخعيّ والأوزاعي : أدبار السجود الركعتان قبل صلاة الفجر ، وهي رواية العوفي عن ابن عباس. وروي عنه مرفوعا. وهذا قول أكثر المفسرين. وقال مجاهد : أدبار السجود هو التسبيح باللّسان في أدبار الصلوات المكتوبات ، قال ـ عليه الصلاة والسلام ـ : «من سبّح في دبر كلّ صلاة ثلاثا وثلاثين وكبّر ثلاثا وثلاثين وحمّد ثلاثا وثلاثين» فذلك تسعة وتسعون ثم قال : «تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد
__________________
(١) وانظر تلك المعاني والأقوال في البغوي والخازن ٦ / ٢٣٩ والقرطبي ١٧ / ٢٤.
(٢) وهي سبعية متواترة ذكرت في الكشف ٢ / ٢٨٥ ، والسبعة ٦٠٧ والإتحاف ٣٩٨.
(٣) والتقدير : ومن الليل فسبحه ووقت أدبار السجود ، أي وسبحه وقت. أقول : والمصادر تجعل ظروفا على تقدير إضافة أسماء الزمان إليها وحذفها اتساعا وحذف المضاف في هذا الباب هو المستعمل في أكثر الكلام. وانظر الكشف لمكي ٢ / ٢٨٧.
(٤) وهم أبو عمر وابن عامر ، وعاصم ، والكسائيّ.
(٥) وقد استعمل ذلك أيضا ظرفا ، قالوا : جئتك دبر كلّ صلاة. انظر الكشف المرجع السابق.
(٦) من الطويل له كما هو ظاهر في ديوانه دار صادر ٥٨ ورواية الديوان :
وجئنا بها شهباء ذات أشلّة |
|
لها عارض فيه المنيّة تلمع |
ورواية المؤلف هي رواية البحر لأبي حيان. ورواه ابن يعيش في المفصل ٢ / ٤٥ «جدّت» بدل جدب و «بأرضنا» بدل «فأرضنا». والشاهد : على دبر فالدبر هنا ظرف أيضا ومعناه العقب كقولنا : جئتك في دبر كل صلاة. وانظر مجمع البيان ٩ / ٢٢٢ والسراج المنير ٤ / ٩١ والبحر المحيط ٨ / ١٣٠.