الثالث : أنه حال من الضمير في (عنهم). ولم يذكر مكّيّ غيره (١).
الرابع : أنه حال من مفعول (يدعو) المحذوف تقديره : يوم يدعوهم الدّاعي خشّعا ؛ فالعامل فيها (يدعو). قاله أبو البقاء. وارتفع أبصارهم على وجهين :
أظهرهما : الفاعلية بالصفة قبله.
الثاني : على البدل من الضمير المستتر في (خشّعا) (٢) ؛ لأن التقدير خشّعا هم ، وهذا إنما يأتي على قراءة خشعا فقط.
وقرىء خشّع أبصارهم على أن «خشعا» خبر مقدم ، و «أبصارهم» مبتدأ ، والجملة في محل نصب على الحال (٣) وفيه الخلاف المذكور من قبل كقوله :
٤٥٨٩ ـ .......... |
|
وجدته حاضراه الجود والكرم (٤) |
فصل
قال ابن الخطيب ، لما حكى نصب «خاشعا» ، قال : إنه منصوب على أنه مفعول بقوله : «يدعو» أي يوم يدعو الدّاعي خشّعا.
فإن قيل : هذا فاسد من وجوه :
أحدها : أن الشخص لا فائدة فيه ؛ لأن الداعي يدعو كل أحد.
ثانيها : قوله : (يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ) بعد الدعاء فيكونون خشعا قبل الخروج وهو باطل.
ثالثهما : قراءة خاشعة (٥) تبطل هذا!
نقول : أما الجواب عن الأول فإن قوله : (إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ) يدفع ذلك ، لأن كل أحد لا يدعى إلى شيء نكر ، وعن الثاني المراد من الشيء النكر الحساب العسير يوم يدع الداعي إلى الحساب العسير (٦) خشعا ولا يكون العامل في (يوم) يدعو «يخرجون» بل «اذكروا» و (فَما تُغْنِ النُّذُرُ) كقوله تعالى : (فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ) [المدثر : ٤٨]
__________________
(١) مشكل الإعراب ٢ / ٣٣٦.
(٢) التبيان ١١٩٣.
(٣) وانظر البحر ٨ / ١٧٦ ، والقرطبي ١٧ / ١٣٠.
(٤) عجز بيت من البسيط لجرير صدره :
إنّ الّذي كنت أرجو فضل نائله |
|
.......... |
وهو من قصيدته المشهورة في معرض العتاب. والشاهد : الجود والكرم فهذه جملة حالية في محل نصب على الحال من حاضراه كقوله الله : (خشع أبصارهم). وانظر القرطبي ١٧ / ١٣ ، والكشاف ٤ / ٣٦ وشرح شواهد الكشاف ٤ / ٥٤١.
(٥) في الرازي : خاشعا.
(٦) وفيه العسر.