قوله تعالى : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ (٤٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٧) ذَواتا أَفْنانٍ (٤٨) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٩) فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ (٥٠) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥١) فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ (٥٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٣) مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ (٥٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٥) فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (٥٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٧) كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ (٥٨) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٩) هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلاَّ الْإِحْسانُ (٦٠) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)(٦١)
قوله تعالى : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ).
يجوز أن يكون «مقام» مصدرا ، وأن يكون مكانا.
فإن كان مصدرا ، فيحتمل أن يكون مضافا لفاعله ، أي : قيام ربه عليه ، وحفظه لأعماله من قوله تعالى : (أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ) [الرعد : ٣٣]. ويروى عن مجاهد ، قال مجاهد وإبراهيم النّخعي : هو الرجل يهمّ بالمعصية ، فيذكر الله فيدعها من خوفه (١).
وأن يكون مضافا لمفعوله ، والمعنى : القيام بحقوق الله فلا يضيعها.
وإن كان مكانا ، فالإضافة بأدنى ملابسة لما كان النّاس يقومون بين يدي الله للحساب في عرصات القيامة (٢).
قيل : فيه مقام الله ، والمعنى : خاف مقامه بين يدي ربه للحساب ، فنزلت المعصية ، ف «مقام» : مصدر بمعنى القيام.
فصل فيمن علق طلاق زوجته على دخوله الجنة
قال القرطبي (٣) : هذه الآية دليل على أن من قال لزوجته : إن لم أكن من أهل الجنة فأنت طالق ، أنه لا يحنث إن كان هم بالمعصية وتركها خوفا من الله وحياء منه. وقاله سفيان الثوري وأفتى به.
فصل في المراد بالجنتين
الظاهر أن الجنتين لخائف واحد.
قال محمد بن علي الترمذي : جنّة لخوفه من ربه ، وجنّة لتركه شهوته.
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١١ / ٦٠٢) عن مجاهد وإبراهيم النخعي وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٠٢) عن مجاهد وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا في «التوبة» وهناد وعبد بن حميد وابن المنذر.
(٢) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٤٦.
(٣) الجامع لأحكام القرآن ١٧ / ١١٥.