وقرأ عيسى (١) بن عمر : «وجني» بكسر النون.
وتوجيهها : أن يكون أمال الفتحة لأجل الألف ، ثم حذف لالتقاء الساكنين ، وأبقى إمالة النون نحو الكسرة وقرىء (٢) : «وجنى» بكسر الجيم ، وهي لغة.
والجني : ما يقطف من الثّمار ، وهو «فعل» بمعنى «مفعول» كالقبض والقنص.
فصل في المراد بالجنى
قال القرطبي : «الجنى» : ما يجتنى من الشجر ، تقول : أتانا الشجر بجناة طيبة لكل ما يجتنى ، وثمرة جنيّ على «فعيل» حين جني.
قوله : «دان» أي : قريب.
قال ابن عبّاس : تدنو الشجرة حين يجتنيها ولي الله إن شاء قائما ، وإن شاء قاعدا ، وإن شاء مضطجعا (٣).
وقال قتادة : لا يرد يده بعد ، ولا شوك (٤).
قال ابن الخطيب (٥) : جنة الآخرة مخالفة لجنّة الدنيا من ثلاثة أوجه :
أحدها : أن الثمرة على رءوس الشجر في الدنيا بعيدة على الإنسان المتّكىء ، وفي الجنة هو متكىء ، والثمرة تتدلى إليه.
ثانيها : أن الإنسان في الدنيا يسعى إلى الثمرة ، ويتحرك إليها ، وفي الآخرة هي تدنو إليهم ، وتدور عليهم.
وثالثها : أنّ الإنسان في الدنيا إذا قرب من ثمر شجرة بعد عن غيرها ، وثمار الجنة كلها تدنو إليهم في وقت واحد ، ومكان واحد.
قوله تعالى : (فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ).
اختلف في هذا الضمير.
فقيل : يعود على الجنات.
__________________
(١) ينظر : البحر المحيط ٨ / ١٩٦ ، والدر المصون ٦ / ٢٤٧.
(٢) ينظر السابق ، والكشاف ٤ / ٤٥٢.
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١١ / ٦٠٥) عن ابن عباس بمعناه وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٠٤) وزاد نسبته إلى عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في «البعث».
وذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ٢٧٤).
(٤) ذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ٢٧٤).
(٥) التفسير الكبير ٢٩ / ١١١ ، ١١٢.