بهم ، فكأنهم نزلوه ، وعلى هذا فيكون جمع بين الحقيقة والمجاز في كلمة واحدة. وفيه خلاف مشهور.
الرابع : أن يكون الأصل : دار الهجرة ، ودار الإيمان ، فأقام «لام» التعريف في «الدار» مقام المضاف إليه ، وحذف المضاف من دار الإيمان ، ووضع المضاف إليه مقامه.
الخامس : أن يكون سمى «المدينة» ؛ لأنها دار الهجرة ، ومكان ظهور الإيمان.
قال بهذين الوجهين الزمخشري (١).
وليس فيه إلّا قيام «ال» مقام المضاف إليه ، وهو محل نظر ، وإنما يعرف الخلاف ، هل يقوم «ال» مقام الضمير المضاف إليه؟.
فالكوفيون يجيزونه ، كقوله : (فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى) [النازعات : ٤١] أي : مأواه.
[والبصريون : يمنعونه ، ويقولون : الضمير محذوف ، أي : المأوى له](٢).
وقد تقدم تحرير هذا وأما كونها عوضا من المضاف إليه فلا نعرف فيه خلافا.
السادس : أنه منصوب على المفعول معه أي : مع الإيمان معا. قاله ابن عطية.
وقال (٣) : وبهذا الاقتران يصح معنى قوله (مِنْ قَبْلِهِمْ) فتأمله.
قال شهاب الدين (٤) : «وقد شرطوا في المفعول معه أن يجوز عطفه على ما قبله حتى جعلوا قوله تعالى : (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ) [يونس : ٧١] من باب إضمار الفعل ؛ لأنه لا يقال : أجمعت شركائي ، إنما يقال : جمعت».
فصل في المراد بهذا التبوء (٥)
«التّبوّء» : التمكن والاستقرار ، وليس يريد أن الأنصار آمنوا قبل المهاجرين ، بل أراد آمنوا قبل هجرة النبي صلىاللهعليهوسلم إليهم ، ولا خلاف أن الذين تبوّءوا الدار هم الأنصار الذين استوطنوا «المدينة» قبل المهاجرين إليها ، والمراد بالدّار : «المدينة».
والتقدير : والذين تبوّءوا الدار من قبلهم.
فصل
قيل هذه الآية معطوفة على قوله : (لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ) وأن الآيات في «الحشر» كلها معطوفة بعضها على بعض.
قال القرطبي (٦) : ولو تأملوا ذلك ، وأنصفوا لوجدوه على خلاف ما ذهبوا إليه ؛ لأن
__________________
(١) ينظر : الكشاف ٤ / ٥٠٤ ، ٥٠٥.
(٢) سقط من : أ.
(٣) ينظر : المحرر الوجيز ٥ / ٢٨٧.
(٤) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٩٦.
(٥) ينظر : القرطبي ١٨ / ١٥.
(٦) السابق : ١٨ / ١٥ ، ١٦.