أن غرضه أن تؤمنوا ، ولا تستمروا على ما كانوا عليه من الكفر ، وهذا يدلّ على أنه ـ تعالى ـ أراد منهم الإيمان وعدم الكفر.
قوله : (وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ) أي بيّن معصيته وطاعته ، فمعصيته الظّهار ، وطاعته الكفارة.
(وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ أَلِيمٌ) أي : لمن جحد هذا وكذاب به ، ولم يصدق بأحكام الله تعالى له عذاب جهنم (١).
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) الآية.
قال المبرد : أصل «المحادّة» الممانعة ، ومنه يقال للبواب : حداد ، وللممنوع الرزق : محدود (٢).
وقال أبو مسلم الأصفهاني : «المحادّة» : مفاعلة من لفظ الحديد ، والمراد المقاتلة بالحديد ، سواء كان ذلك في الحقيقة ، أو كان منازعة شديدة شبيهة للخصومة بالحديد.
فصل في مناسبة الآية لما قبلها (٣)
لما ذكر المؤمنين الواقفين عند حدوده ذكر المحادّين المخالفين لها ، قال المفسرون : المحادة : المعاداة والمخالفة في الحدود ، وهو كقوله تعالى : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللهَ وَرَسُولَهُ) [الأنفال : ١٣].
وقيل : يحادون الله ، أي : أولياء الله كما جاء في الخبر : «من أهان لي وليّا فقد بارزني بالمحاربة» (٤).
قال الزجاج (٥) : المحادّة : أن تكون في حد يخالف حد صاحبك.
والضمير في قوله «يحادّون» يمكن أن يرجع إلى المنافقين (٦) ، فإنهم كانوا يوادّون الكافرين ، ويظاهرونهم على النبي صلىاللهعليهوسلم فأذلهم الله سبحانه وتعالى ، ويحتمل أن يرجع
__________________
(١) ينظر : القرطبي ١٧ / ١٨٧.
(٢) ينظر : الفخر الرازي ٢٩ / ٢٢٨.
(٣) ينظر : القرطبي ١٧ / ١٨٧.
(٤) أخرجه بهذا اللفظ القضاعي في «مسند الشهاب» (١٤٥٦) ، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (٨ / ٣١٨ ـ ٣١٩) ، وابن أبي الدنيا في «كتاب الأولياء» رقم (١).
والحديث أصله في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة بلفظ : من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ... الخ». أخرجه البخاري في «صحيحه» رقم (٦٥٠٢) ، وله شاهد من حديث عائشة أخرجه أحمد (٦ / ٢٥٦) ، والبزار (٣٦٢١ ـ كشف) ، وأبو نعيم في «الحلية» (١ / ٥) ، والبيهقي في «الزهد» رقم (٦٩٣) ، من طريق عبد الواحد بن ميمون عن عروة عنها.
وعبد الواحد بن ميمون قال البخاري : منكر الحديث.
(٥) ينظر : معاني القرآن ٥ / ١٣٦.
(٦) ينظر : الفخر الرازي ٢٩ / ٢٢٨ ، ٢٢٩.