قوله : (أَمْ يَقُولُونَ) قال الثعلبي : قال الخليل : كل ما في سورة الطور من «أم» فاستفهام وليس بعطف (١).
وقال أبو البقاء : «أم» في هذه الآيات منقطعة (٢). وتقدم الخلاف في المنقطعة هل تقدر ببل وحدها أو ببل والهمزة أو بالهمزة وحدها. والصحيح الثاني.
وقال مجاهد في قوله : «إن (تَأْمُرُهُمْ) تقديره بل تأمرهم. وقرأ : (بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ) يدل : أم هم قوم.
قوله : «نتربّص» في موضع رفع صفة ل «شاعر» والعامة على «نتربّص» بإسناد الفعل لجماعة المتكلمين «ريب» بالنصب.
وزيد بن علي : يتربّص ـ بالياء من تحت ـ على البناء للمفعول «ريب» بالرفع (٣).
و (رَيْبَ الْمَنُونِ) : حوادث الدّهر ، وتقلّبات الزّمان ؛ لأنها لا تدوم على حال كالريب وهو الشك فإنه لا يبقى بل هو متزلزل. قال الشاعر :
٤٥٣٥ ـ تربّص بها ريب المنون لعلّها |
|
تطلّق يوما أو يموت خليلها (٤) |
وقال أبو ذؤيب :
٤٥٣٦ ـ أمن المنون وريبة تتوجّع |
|
والدّهر ليس بمعتب من يجزع (٥) |
والمنون في الأصل الدهر. وقال الراغب : المنون المنيّة ؛ لأنها تنقص العدد ، وتقطع المدد ، وجعل من ذلك قوله : (أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ)(٦) أي غير منقطع (٧). وقال الزمخشري : وهو في الأصل : فعول من منه إذا قطعه لأن الموت قطوع ، ولذلك سميت شعوب (٨). و «ريب» وريبة مفعول به أي ننتظر به حوادث الدهر أو المنية.
فصل
المعنى : بل يقولون يعني هؤلاء المقتسمين الخرّاصين شاعر نتربّص به ريب المنون
__________________
(١) نقله في كتابه أبو حيان في البحر ٨ / ١٥١ و ١٥٢.
(٢) التبيان ١١٨٤.
(٣) قراءة شاذة ذكرها صاحب البحر ٨ / ١٥١ والكشاف ٤ / ٢٥.
(٤) من الطويل وجيء به على أن «رَيْبَ الْمَنُونِ» معناه حوادث الدهر كما أوضح أعلى. وانظر القرطبي ١٧ / ٧٢ وفتح القدير ٥ / ٩٩ وروح المعاني ١٧ / ٣٦ ومجمع البيان ٩ / ٢٥٣ وقد روي عجزه : سيهلك عنها بعلها أو سيجنح.
(٥) من الكامل لأبي ذؤيب ، وشاهده كالبيت السابق. وانظر القرطبي ١٧ / ٧٢ والبحر ٨ / ١٥١ والكشاف ٤ / ٢٥ وشرح شواهده ٥ / ٤٤٢.
(٦) الآية ٣ من القلم ، و ٢٥ من الانشقاق ، و ٦ من التين ، و ٨ من فصّلت.
(٧) وانظر المفردات للراغب ٤٧٤.
(٨) الكشاف ٤ / ٢٥.