بالحركة في نحو ذلك ، ألا ترى أنه يحذف الألف في (سِيرَتَهَا الْأُولى)(١) [و] (وَيَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى)(٢) ولو اعتد بالحركة لم يحذفها.
وأما ما جاز عنه في بعض الروايات : «قالوا لان جئت» [البقرة : ٧١] ؛ فإنه وجه نادر ومعلّل باتّباع الأثر والجمع بين اللغتين والابتداء له بالنقل على أصله في ذلك أيضا والابتداء له بألف الوصل على ترك الاعتداد بالحركة إذ لا حاجة إلى قصد ذلك في الابتداء وترك الإتيان له بالألف على الاعتداد له بالحركة حملا للابتداء على الوصل وموافقة الرسم أيضا ولا يبتدأ له بالأصل ؛ إذ ليس من أصله ذلك ، و «الأولى» في قراءته تحتمل الخلاف المذكور في أصلها.
وأما قراءة أبي عمرو فالعلة له في قوله في الوصل والابتداء كالعلة المتقدمة لقالون ، إلا أنه يخالفه في همز الواو ؛ لأنه لم يعطها حكم ما جاورها ، فليست عنده من «وأل» بل من غير هذا الوجه كما تقدم الخلاف في أول هذا الكتاب ، ويجوز أن يكون أصلها عنده من «وأل» أيضا ، إلا أنه أبدل في حال النقل مبالغة في التخفيف أو موافقة لحال ترك النقل.
وقد عاب هذه القراءة ـ أعني قراءة الإدغام ـ أبو عثمان وأبو العباس ذهابا منهما إلى أن اللغة الفصيحة عدم الاعتداد بالعارض ، ولكن لا التفات إلى ردّها لثبوت ذلك لغة وقراءة وإن كان غيرها أفصح منها وقد ثبت عن العرب أنهم يقولون الحمر ولحمر بهمزة الوصل وعدمها مع النقل والله أعلم (٣).
وقرأ أبيّ ـ وهي في حرفه ـ «عاد الأولى» غير مصروف ذهابا به إلى القبيلة أو الأم كما تقدم ؛ ففيه العلمية والتأنيث (٤) ، ويدل على التأنيث قوله «الأولى» فوصفها بوصف المؤنث.
فصل (٥)
عاد الأولى هم قوم هود أهلكوا بريح صرصر ، وكان لهم عقب فكانوا عادا الأخرى. قال القرطبي : سماها الأولى ، لأنهم كانوا قبل ثمود. وقيل : إنّ ثمود من قبل عاد. وقال ابن زيد : قيل لها عاد الأولى لأنها أول أمة أهلكت بعد نوح ـ عليه الصلاة
__________________
(١) فتكتب عنده (سيرتها لولى) من الآية ٢١ من (طه) عليهالسلام.
(٢) تكتب هكذا (يتجنبها لشقى) وهي الآية ١١ من الأعلى.
(٣) وانظر في هذه التوجيهات مشكل الإعراب ٢ / ٣٣٤ والكشف «وكلاهما لمكي» ٢ / ٢٩٦ وباب المد وعلله له أيضا. ويقصد المؤلف بأبي عثمان المازنيّ ، وأبي العباس المبرد. وانظر البحر أيضا ٨ / ١٦٩. وانظر معاني القرآن وإعرابه للزجّاج ٥ / ٧٧.
(٤) لم أجدها إلا في البحر لأبي حيان فهي من الشواذ. وانظر المرجع السابق.
(٥) في ب قوله بدل فصل.