وقيل : التابعون لهم بإحسان ، ومن دخل في الإسلام إلى يوم القيامة (١).
قال ابن أبي ليلى (٢) : الناس على ثلاثة منازل : الأولى منازل المهاجرين ، والثانية هي : الذين تبوءوا الدار والإيمان ، والثالثة : والذين جاءوا من بعدهم ، فاجتهد ألّا تخرج من هذه المنازل.
وقال بعضهم : كن مهاجرا ، فإن قلت : لا أجد ، فكن أنصاريا ، فإن لم تجد فاعمل كأعمالهم ، فإن لم تستطع فأحبّهم ، واستغفر لهم كما أمرك الله.
وقال مصعب بن سعد : الناس على ثلاثة منازل ، فمضت منزلتان ، وبقيت منزلة ، فأحسن ما أنتم عليه أن تكونوا بهذه المنزلة التي بقيت.
وعن جعفر بن محمد عن أبيه عن جدّه ، أنه جاءه رجل فقال : يا ابن بنت رسول الله ما تقول في عثمان؟ فقال له : يا ابن أخي أنت من قوم قال الله فيهم (لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ)؟ الآية ، قال : لا ، قال : فأنت من قوم قال الله فيهم : (وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُا الدَّارَ وَالْإِيمانَ)؟ الآية ، قال : لا ، قال : فو الله لئن لم تكن من أهل الآية الثالثة لتخرجن من الإسلام ، وهي قوله تعالى: (وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ).
وروي أن نفرا من أهل «العراق» جاءوا إلى محمد بن علي بن الحسين ، فسبّوا أبا بكر وعمر وعثمان ـ رضي الله عنهم ـ فأكثروا ، فقال لهم : أمن المهاجرين الأولين أنتم؟
قالوا : لا ، قال : أفمن الذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم؟ ، قالوا : لا ، قال : فقد تبرأتم من هذين الفريقين ، أنا أشهد أنكم لستم من الذين قال الله فيهم : (وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا) ، قوموا قد فعل الله بكم وفعل. ذكره النحاس (٣).
فصل في وجوب محبة الصحابة (٤)
هذه الآية دليل على وجوب محبة الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ لأنه جعل لمن بعدهم حظّا في الفيء ما أقاموا على محبتهم وموالاتهم ، والاستغفار لهم ، ومن أبغضهم أو واحدا منهم ، أو اعتقد فيه شرّا أنه لا حقّ له في الفيء.
قال مالك : من كان يبغض أحدا من أصحاب محمد صلىاللهعليهوسلم وكان في قلبه لهم غلّ فليس له حق في فيء المسلمين ، ثم قرأ : (وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ).
__________________
(١) ينظر : الفخر الرازي ٢٩ / ٢٥٠.
(٢) ينظر : القرطبي ١٨ / ٢١.
(٣) القرطبي ١٨ / ٢٢.
(٤) ينظر السابق.