صلىاللهعليهوسلم : «ألا أخبركم بما هو أخوف عندي منه؟» قلنا : بلى ، يا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قال : «الشّرك الخفيّ أن يقوم الرّجل يعمل لمكان رجل» (١). ذكره الماوردي.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما : نزلت في اليهود والمنافقين كانوا يتناجون فيما بينهم ، وينظرون للمؤمنين ، ويتغامزون بأعينهم ، فقال المؤمنون : لعلهم بلغهم عن إخواننا وقرابتنا من المهاجرين والأنصار قتل ، أو مصيبة ، أو هزيمة ؛ ويسوؤهم ذلك ، وكثرت شكواهم إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فنهاهم عن النجوى فلم ينتهوا (٢) ، فنزلت الآية.
وقال مقاتل : كان بين النبي صلىاللهعليهوسلم وبين اليهود موادعة ، فإذا مرّ بهم رجل من المؤمنين تناجوا بينهم حتى يظنّ المؤمن شرّا ، فيعرج عن طريقه فنهاهم الله ـ سبحانه ـ فلم ينتهوا فنزلت (٣).
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : كان الرجل يأتي النبي صلىاللهعليهوسلم فيسأله الحاجة ويناجيه ، والأرض يومئذ خرب فيتوهّموا أنه يناجيه في حرب أو بليّة أو أمر فيفزعون لذلك فنزلت (٤).
قال ابن الخطيب (٥) رحمهالله : والأولى أن تكون نزلت في اليهود ؛ لأنه ـ عزوجل ـ حكى عنهم ، فقال : (وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللهُ) وهذا إنما وقع من اليهود ، كانوا إذا سلموا على الرسول صلىاللهعليهوسلم قالوا : السّام عليكم ، يعنون الموت.
قوله : (ثُمَّ يَعُودُونَ لِما نُهُوا عَنْهُ) أي : يرجعون إلى المناجاة التي نهوا عنها.
قوله : (وَيَتَناجَوْنَ). قرأ (٦) حمزة : «وينتجون» بغير ألف من «الانتجاء» من «النجوى» على وزن «يفتعلون».
والباقون : «ويتناجون» من «التّناجي» من «النجوى» أيضا.
__________________
(١) أخرجه ابن ماجه (٢ / ١٤٠٦) ، كتاب الزهد ، باب : الرياء والسمعة حديث (٤٢٠٤) ، وأحمد (٣ / ٣٠) ، والحاكم (٤ / ٣٢٩) ، من طريق كثير بن زيد عن ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه عن أبي سعيد به.
وقال الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
وقال البوصيري في «الزوائد» (٣ / ٢٩٦) ، رقم (١٤٩٨) : هذا إسناد حسن كثير بن زيد وربيح بن عبد الرحمن مختلف فيهما.
وذكره الماوردي في النكت والعيون ٥ / ٤٩١ ، والقرطبي ١٧ / ١٨٩.
(٢) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٧ / ١٨٩).
(٣) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٦٩) ، وعزاه إلى ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان.
(٤) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٧ / ١٨٩).
(٥) التفسير الكبير ٢٩ / ٢٣١.
(٦) ينظر : السبعة ٦٢٨ ، والحجة ٦ / ٢٧٨ ، وإعراب القراءات ٢ / ٣٥٥ ، وحجة القراءات ٧٠٤ ، والعنوان ١٨٧ ، وشرح الطيبة ٦ / ٤٥ ، وشرح شعلة ٥٩٩ ، وإتحاف ٢ / ٥٢٦.