لجميع الكفّار ، فأعلم الله تعالى رسوله صلىاللهعليهوسلم أنهم كبتوا ، أي خذلوا.
قال المبرد رحمهالله تعالى : كبت الله فلانا ، أي : أذلّه ، والمردود بالذل يقال له مكبوت.
وقال أبو عبيدة والأخفش : أهلكوا.
وقال قتادة : خزوا كما خزي الذين من قبلهم (١).
وقال ابن زيد : عذبوا (٢).
وقال السدي : لعنوا (٣) ، وقال الفراء : غيظوا يوم الخندق.
وقيل : يوم «بدر».
وقيل معنى كبتوا : أي سيكبتون ، وهو بشارة من الله للمؤمنين بالنصر ، وأخرج الكلام بلفظ الماضي تقريبا (٤) للمخبر عنه.
وقيل : لغة مذحج (٥).
ويحتمل أن يكون لتحقق وقوعه ، والمراد بالذين من قبلهم أعداء الرسل ـ صلوات الله وسلامه عليهم ـ (وَقَدْ أَنْزَلْنا آياتٍ بَيِّناتٍ) فيمن حاد الله ورسوله من الذين من قبلهم فيما فعلنا بهم (وَلِلْكافِرِينَ) بهذه الآيات (عَذابٌ مُهِينٌ) يذهب بعزّهم وكبرهم ، فبين تعالى أن عذاب المحاربين في الدنيا الذّل والهوان ، وفي الآخرة العذاب الشديد (٦).
قوله تعالى : (يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعاً).
فيه أوجه (٧) :
أحدها : أنه منصوب ب (عَذابٌ مُهِينٌ).
الثاني : أنه منصوب بفعل مقدر ، فقدره أبو البقاء (٨) : يهانون أو يعذبون ، أو استقر ذلك يوم يبعثهم ، وقدره الزمخشري (٩) ب «اذكر» قال : تعظيما لليوم.
الثالث : أنه منصوب ب «لهم». قاله الزمخشري (١٠) ، أي : بالاستقرار الذي تضمنه لوقوعه خبرا.
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٢ / ١٢) ، عن قتادة وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٦٩) ، وزاد نسبته إلى عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم.
(٢) ذكره القرطبي في «تفسيره» (١٧ / ١٨٧) ، عن ابن زيد.
(٣) ينظر المصدر السابق.
(٤) في أ : تقريعا.
(٥) ينظر : القرطبي ١٧ / ١٨٧.
(٦) الفخر الرازي ٢٩ / ٢٢٩.
(٧) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٨٧.
(٨) ينظر التبيان ص ١٢١٢.
(٩) الكشاف ٤ / ٤٨٩.
(١٠) السابق.