وهذا الحديث يرد قول ابن الخطيب من أنه ليس ظل الأشجار.
قوله : (وَماءٍ مَسْكُوبٍ).
أي : مصبوب بكثرة.
وقيل : جار لا ينقطع (١).
وأصل السّكب : الصّب ، يقال : سكبه سكبا ، والسكوب : انصبابه ، يقال : سكب سكوبا.
وانصب انسكب انسكابا.
ومعنى الآية : وماء مصبوب يجري في غير أخدود لا ينقطع عنهم (٢).
قال ابن الخطيب (٣) : معناه : مسكوب من فوق ؛ لأن أكثر ماء العرب من الآبار والبرك فلا ينسكب.
وقيل : جار في غير أخدود [بأبحر](٤) الهواء.
وكانت العرب أصحاب بادية ، [وبلادها](٥) حارة ، وكانت الأنهار في بلادهم عزيزة لا يصلون إلى الماء إلا بالدّلو والرّشاء ، فوعدوا في الجنة خلاف ذلك.
قوله : (وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ).
قرىء (٦) : برفع «فاكهة».
أي : وهناك ، أو ولهم ، أو وفيها ، أو وثمّ فاكهة.
قال ابن الخطيب (٧) : لما ذكر الأشجار التي يطلب منها ورقها ، وذكر بعدها الأشجار التي يقصد بها ثمرها ، ذكر الفاكهة بعد ذكر الأشجار انتقالا من نعمة إلى نعمة ، ووصفت بالكثرة دون الطيب واللذة ؛ لأن الفاكهة تدل عليها.
قوله : (لا مَقْطُوعَةٍ). فيه وجهان (٨) :
أظهرهما : أنه نعت ل «فاكهة» ، و «لا» للنّفي ، كقولك : «مررت برجل لا طويل ولا قصير» ولذلك لزم تكرارها.
__________________
ـ كتاب صفة الجنة ، باب : ما جاء في صفة شجر الجنة (٢٥٢٣) وابن ماجه (٤٣٣٥) وأحمد (٢ / ٤١٨ ، ٤٣٨ ، ٤٦٢ ، ٤٦٩) ، والطبري في «تفسيره» (١١ / ٦٣٨).
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٢٣) وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة وعبد الرزاق وهناد بن السري وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه.
(١) ينظر : القرطبي ١٧ / ١٣٦.
(٢) السابق.
(٣) ينظر : الفخر الرازي ٢٩ / ١٤٣.
(٤) في ب : بل يجري في.
(٥) في ب : وبلاد.
(٦) ينظر : الكشاف ٤٠ / ٤٦١ ، والبحر المحيط ٨ / ٢٠٦ ، والدر المصون ٦ / ٢٥٩.
(٧) ينظر : تفسير الفخر الرازي ٢٩ / ١٤٤.
(٨) ينظر : الدر المصون ٦ / ٢٥٩.