الثاني : أن يتعلق بما دل عليه قوله : (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ) أي له ملكهما يضلّ من يشاء ويهدي من يشاء ليجزي المحسن والمسيء (١).
الثالث : أن يتعلق بقوله : (بِمَنْ ضَلَ) ، و (بِمَنِ اهْتَدى) واللام للصيرورة أي عاقبة أمرهم جميعا للجزاء بما عملوا (٢). قال معناه الزمخشري (٣).
الرابع : أن يتعلق بما دل عليه قوله : (أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ)(٤) أي حفظ ذلك ليجزي. قاله أبو البقاء (٥).
وقرأ زيد بن علي : لنجزي بنون العظمة (٦) والباقون بياء الغيبة. وقوله : (الَّذِينَ أَحْسَنُوا) وحّدوا ربهم (بِالْحُسْنَى) بالجنّة. وإنما يقدر على مجازاة المحسن والمسيء إذا كان مالكا فلذلك قال تعالى : (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ).
قوله : (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ) يجوز أن يكون منصوبا بدلا أو بيانا أو نعتا «للذين [(أحسنوا) (٧).
فإن قيل : إذا كان بدلا عن (الَّذِينَ] (٨) أَحْسَنُوا) فلم خالف ما بعده بالمضيّ والاستقبال حيث قال (الَّذِينَ أَحْسَنُوا) وقال : (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ) ولم يقل : اجتنبوا؟
فالجواب : هو كقول القائل : الّذين سألوني أعطيتهم الذين يترددون إليّ سائلين أي الذين عادتهم التّرداد (٩) للسؤال سألوني وأعطيتهم فكذلك ههنا أي الذين عادتهم ودأبهم الاجتناب لا الذين اجتنبوا مرة واحدة (١٠). ويجوز أن يكون الموصول منصوبا بإضمار «أعني» ، وأن يكون خبر مبتدأ مضمر أي هم الذين (١١) ، وهذا نعت للمحسنين (١٢).
وقد تقدم الكلام في كبائر وكبير (١٣) الإثم.
قوله : (إِلَّا اللَّمَمَ) فيه أوجه :
__________________
(١) وهو رأى مكيّ في مرجعه السابق ، والقرطبي في الجامع ١٧ / ١٠٥.
(٢) نقله أبو حيان في بحره ٨ / ١٦٤ بصيغة المجهول.
(٣) قال الزمخشري : ومعناه أن الله عزوجل إنما خلق العالم وسوى هذا الملكوت لهذا الغرض ثم قال ويجوز أن يتعلق بقوله : هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى.
(٤) وهو رأي الزمخشري السابق ، انظر الكشاف ٤ / ٣٢.
(٥) التبيان ١١٨٩.
(٦) شاذة انظر البحر ٨ / ١٦٤ والكشاف السابق.
(٧) وهو رأي التبيان والجامع الأول ١١٨٩ والثاني ١٧ / ١٠٦.
(٨) ما بين القوسين سقط من (ب) بسبب انتقال النظر.
(٩) في (ب) التردّد.
(١٠) وقد قال بالبدلية مكي في المشكل ٢ / ٣٣٢.
(١١) قال بذلك أبو البقاء في التبيان ١١٨٩.
(١٢) أي الذين أحسنوا والجملة في محل نصب صفة لهؤلاء.
(١٣) تقدم ذلك في سورة الشورى من الآية ٣٧ وقبل في سورة النساء من الآية ٣١.