أخبرنا عبد الجبار بن مهنا (١) ، حدّثنا محمّد بن أيوب بن الحسن ، نا عبد الرحيم بن صالح قال : سمعت أبا سليمان الداراني (٢) يقول لأم هارون : تحبين الموت؟ قالت : لا ، قال : ولم تكرهين لقاء الله؟ ففاضت دموعها بالانتحاب ، فقالت : يا أبا سليمان لو عاديت آدميا لكرهت لقاءه ، فصرخ أبو سليمان ووقع مغشيا عليه.
أنبأنا أبو القاسم عبد المنعم بن عبد الله (٣) بن أحمد ، وحدّثنا أبو الحسن (٤) بن مهدي عنه ، حدّثنا عبد العزيز بن محمّد ، أنا أبو نصر بن الجبان. أخبرنا أبو علي الحسن بن منير بن محمّد التنوخي قراءة عليه ، نا أبو عبد الله جعفر بن محمّد بن سعيد بن شعيب من قرية بجّ (٥) حوران حدّثنا أبو محمّد عبد الرحيم بن علي بن محمّد الأنصاري المؤذن من ولد حنظلة الغسيل قال :
اتفقنا مشايخ من دمشق فبينا أحمد بن أبي الحواري وقاسم بن عثمان الجوعي وذكرى (٦) بن العلاء ، وأبو مسعود بن أبي جميل ، وحسن بن شوذب وجماعة المشايخ فمضينا يوم الخميس ليلة الجمعة نبيت عند أبي سليمان الداراني ، فخرجنا من باب الجابية حتى جئنا إلى قينية (٧) وعدلنا إلى الطريق نريد أن نمر إلى داريا ، فلمّا بلغنا المزابل إذا بأبي سليمان مقبل من داريا على حمار يسرج والرسن بيده ، وهو منكس رأسه وعليه عباء وشعره إلى شحمة أذنيه ، وقد صفر لحيته بالحناء فوقفنا جماعتنا ومعنا أم هارون الخراسانية وتلميذها أبو الفقير ، فوقف في وسطنا فقلنا : سلام عليك ، فقال : وعليكم أين تريدون؟ فقلنا : إليك أردنا ، فلوى برأس حماره يريد أن يرجع ، فأخذنا برأس دابته ، وقلنا : هذا باب الجابية ، لا ندعك تمر ، الحمد لله الذي جاء بك فوقف علينا ، وأحطنا به خلقا من الخلق كثير ، ثم التفت ، فنظر إلى أم هارون (٨) فصاح : يا قاسم من هذه المرأة؟ فقال : امرأة خراسانية تعرف
__________________
(١) الخبر في تاريخ داريا ص ١١٢.
(٢) الخبر في صفة الصفوة ٤ / ٣٠٤ وذكر أن القائل لأم هارون هو أحمد بن أبي الحواري.
(٣) كتب فوقها في «ز» : «علي ح».
(٤) كذا بالأصل و «ز» ، وفي المطبوعة : أبو الحسين.
(٥) سقطت اللفظة من المطبوعة. وفي معجم البلدان : بج حوران الجيم مشددة من أعمال دمشق. ونقل عن المصنف : قرية كانت على باب دمشق.
(٦) بالأصل : «ذكرني» وفي «ز» : «زكريا».
(٧) قينية : قرية كانت مقابل الباب الصغير من مدينة دمشق (معجم البلدان).
(٨) من قوله : الفقير ... إلى هنا قسم كبير منه مطموس بالأصل ، والمثبت يوافق ما جاء في «ز» ، والمطبوعة.