أتكذبين وما تستحيين؟ ثم قالت لعمر : هذا السقاء فيه لبن ، فسأل عمر عن الجارية فإذا أبوها ثقفي فخطبها على عاصم بن عمر فزوّجها منه ، فولد منها أم عاصم فتزوجها عبد العزيز بن مروان فولدت له عمر بن عبد العزيز.
أنبأنا أبو المظفر بن القشيري ، عن أبي الوليد الحسن بن محمّد الدربندي ، أنا أبو بكر محمّد بن أحمد بن عبد الرّحمن ، نا أحمد بن جعفر بن سعيد ، نا أحمد بن مهدي ، نا عبد الله بن صالح ، حدّثني الليث بن سعد ، حدّثني يزيد بن أبي حبيب :
أن عمر بن الخطاب نهى الأعراب ، وتقدم إليهم ألّا يمذقوا اللبن. فبينا هو يعسّ ليلة من الليالي في نواحي المدينة إذ مرّ بأهل بيت من الأعراب لبني هلال فسمع امرأة منهم تقول لابنتها : يا بنية قومي فامذقي فقد مذق الناس ، فقالت لها ابنتها : يا أمه أوليس قد نهى عمر بن الخطاب عن الماء؟ فقالت لها : بلى ، ولكن الناس يمذقون. فقالت لها ابنتها : والله لا أمذق وقد نهى عنه عمر ولا أكون ـ قال أبو جعفر : أحسبه قال : ـ ممن يعصي عمر ، قال : فعجب عمر من قولها ، فلمّا انصرف قال لابنه عاصم : يا بني اذهب إلى موضع كذا وكذا فوصف له منزلها ، وقال له : انظر جارية كذا وكذا ، فوصفها له ، فسل (١) عنها فإن كان له زوج فبارك الله لزوجها ، وإن لم يكن لها زوج فتزوّجها ، فإنّي أرجو أن يخرج الله منها سليلة تسود (٢) العرب ، قال : فذهب عاصم فسأل عنها فقيل (٣) : ليس لها زوج فقال : زوجونيها. فقيل : ومن أنت؟ قال : أنا عاصم بن عمر بن الخطاب ، قالوا : فمرحبا بك وأهلا فزوجوها منه ، فولدت منه أم عاصم بنت عاصم ، ثم تزوج أم عاصم عبد العزيز بن مروان ، فجاءت بعمر بن عبد العزيز.
أخبرنا أبو بكر محمّد بن شجاع ، أنا أبو عمرو بن مندة ، أنا الحسن بن محمّد بن أحمد [أنا أحمد](٤) بن محمّد بن عمر ، نا ابن أبي الدنيا ، حدّثني سويد بن سعيد ، نا ضمام (٥) ، عن أبي قبيل : أن عمر بن عبد العزيز بكى وهو غلام صغير قد جمع القرآن ، فأرسلت إليه أمه ، فقالت : ما يبكيك؟ قال : ذكر الموت ، فبكت أمه من ذلك.
__________________
(١) في «ز» : فسأل.
(٢) بالأصل : لتسود ، والمثبت عن «ز».
(٣) بالأصل : فقال ، والمثبت عن «ز».
(٤) ما بين معكوفتين سقط من الأصل استدرك عن «ز» لتقويم السند.
(٥) بدون إعجام بالأصل و «ز». وهو ضمام بن إسماعيل بن مالك المرادي المعافري أبو إسماعيل المصري ، ترجمته في تهذيب الكمال ٩ / ١٨٥.